للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأنفال/ ١٢] فذلك وحي إليهم بوساطة اللّوح والقلم فيما قيل، وقوله: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها [فصلت/ ١٢] فإن كان الوحي إلى أهل السماء فقط فالموحى إليهم محذوف ذكره، كأنه قال: أوحى إلى الملائكة، لأنّ أهل السّماء هم الملائكة، ويكون كقوله: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ [الأنفال/ ١٢] وإن كان الموحى إليه هي السموات فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حيّ، ونطق عند من جعله حيّا، وقوله: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة/ ٥] ، فقريب من الأوّل وقوله: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [طه/ ١١٤] فحثّ على التّثبّت في السّماع، وعلى ترك الاستعجال في تلقّيه وتلقّنه.

[ودد]

الودّ: محبّة الشيء، وتمنّي كونه، ويستعمل في كلّ واحد من المعنيين على أن التّمنّي يتضمّن معنى الودّ، لأنّ التّمنّي هو تشهّي حصول ما تَوَدُّهُ، وقوله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً

[الروم/ ٢١] ، وقوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا

[مريم/ ٩٦] ، فإشارة إلى ما أوقع بينهم من الألفة المذكورة في قوله: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ الآية [الأنفال/ ٦٣] . وفي المودّة التي تقتضي المحبّة المجرّدة في قوله: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى/ ٢٣] ، وقوله:

وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ

[البروج/ ١٤] ، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود/ ٩٠] ، فالودود يتضمّن ما دخل في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة/ ٥٤] وتقدّم معنى محبّة الله لعباده ومحبّة العباد له «١» ، قال بعضهم: مودّة الله لعباده هي مراعاته لهم. روي: (أنّ الله تعالى قال لموسى: أنا لا أغفل عن الصّغير لصغره ولا عن الكبير لكبره، وأنا الودود الشّكور) «٢» .

فيصح أن يكون معنى: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا

[مريم/ ٩٦] معنى قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة/ ٥٤] .

ومن المودّة الّتي تقتضي معنى التّمنّي: وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ

[آل عمران/ ٦٩] وقال: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ

[الحجر/ ٢] ، وقال: وَدُّوا ما عَنِتُّمْ

[آل عمران/ ١١٨] ، وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [البقرة/ ١٠٩] ، وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ

[الأنفال/ ٧] ، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا [النساء/ ٨٩] ، يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ

[المعارج/ ١١] ،


(١) راجع مادة (حبّ) . [.....]
(٢) لم أجده.

<<  <   >  >>