للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤١٨-

لا وأبيك ابنة العامريّ

«١» وقد حمل على ذلك قول عمر رضي الله عنه- وقد أفطر يوما في رمضان فظنّ أنّ الشمس قد غربت ثم طلعت-: لا، نقضيه ما تجانفنا لإثم فيه، وذلك أنّ قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه. فقوله: «لَا» ردّ لكلامه قد أثمنا، ثم استأنف فقال: نقضيه «٢» . وقد يكون لَا للنّهي نحو: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات/ ١١] ، وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ [الحجرات/ ١١] ، وعلى هذا النّحو: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ [الأعراف/ ٢٧] ، وعلى ذلك: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [النمل/ ١٨] ، وقوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [البقرة/ ٨٣] فنفي قيل تقديره: إنهم لا يعبدون، وعلى هذا: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ [البقرة/ ٨٤] وقوله:

ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ [النساء/ ٧٥] يصحّ أن يكون «لا تقاتلون» في موضع الحال «٣» : ما لكم غير مقاتلين. ويجعل «لَا» مبنيّا مع النّكرة بعده فيقصد به النّفي. نحو: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة/ ١٩٧] ، [وقد يكرّر الكلام في المتضادّين ويراد إثبات الأمر فيهما جميعا. نحو أن يقال: ليس زيد بمقيم ولا ظاعن. أي: يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما. نحو أن يقال: ليس بأبيض ولا أسود] «٤» ، وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله: لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور/ ٣٥] .

فقد قيل معناه: إنها شرقيّة وغربيّة «٥» . وقيل معناه:

مصونة عن الإفراط والتّفريط. وقد يذكر «لَا» ويراد به سلب المعنى دون إثبات شيء، ويقال له الاسم غير المحصّل. نحو: لا إنسان، إذا قصدت سلب الإنسانيّة، وعلى هذا قول العامّة:

لا حدّ. أي: لا أحد.

[لام]

اللَّامُ التي هي للأداة على أوجه:

الأول: الجارّة، وذلك أضرب: ضرب لتعدية الفعل ولا يجوز حذفه. نحو: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ [الصافات/ ١٠٣] . وضرب للتّعدية لكن قد


(١) الشطر لامرئ القيس، وعجزه:
لا يدّعي القوم أني أفرّ
وهو في ديوانه ص ٦٨.
(٢) لم أجد هذه القصة.
(٣) انظر: التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١/ ٣٧٣، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٤٣٤.
(٤) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان ٤/ ٣٥٣.
(٥) قال اليزيدي: لا شرقية: لا تضحى للشرق، ولا غربية: لا تضحى للغرب، ولكنها شرقية غربية يصيبها الشرق والغرب. أي: الشمس والظل. انظر: غريب القرآن وتفسيره ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>