للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

افتقاد الشيء عنك، وهو عند غيرك موجود كقوله تعالى: هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ

[الحاقة/ ٢٩] .

- وهَلَاكِ الشيء باستحالة وفساد كقوله:

وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ

[البقرة/ ٢٠٥] ويقال: هَلَكَ الطعام.

والثالث: الموت كقوله: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ

[النساء/ ١٧٦] وقال تعالى مخبرا عن الكفّار:

وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ

[الجاثية/ ٢٤] .

ولم يذكر الله الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذّمّ إلّا في هذا الموضع، وفي قوله:

وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا

[غافر/ ٣٤] ، وذلك لفائدة يختصّ ذكرها بما بعد هذا الكتاب.

والرابع: بطلان الشيء من العالم وعدمه رأسا، وذلك المسمّى فناء المشار إليه بقوله:

كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ

[القصص/ ٨٨] ويقال للعذاب والخوف والفقر: الهَلَاكُ، وعلى هذا قوله: وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ

[الأنعام/ ٢٦] ، وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ

[مريم/ ٧٤] ، وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها

[الأعراف/ ٤] ، فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الحج/ ٤٥] ، أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ

[الأعراف/ ١٧٣] ، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا [الأعراف/ ١٥٥] . وقوله:

فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف/ ٣٥] هو الهلاك الأكبر الذي دلّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم بقوله:

«لا شرّ كشرّ بعده النّار» «١» ، وقوله تعالى: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ

[النمل/ ٤٩] . والْهُلْكُ بالضّمّ: الْإِهْلَاكُ، وَالتَّهْلُكَةُ: ما يؤدّي إلى الهلاك، قال تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة/ ١٩٥] وامرأة هَلُوكٌ: كأنها تَتَهَالَكُ في مشيها كما قال الشاعر:

٤٦٩-

مريضات أو بات التّهادي كأنّما ... تخاف على أحشائها أن تقطّعا

«٢» وكنّي بِالْهَلُوكِ عن الفاجرة لتمايلها، والهَالِكِيُّ: كان حدّادا من قبيلة هَالِكٍ، فسمّي كلّ حدّاد هالكيّا، والْهُلْكُ: الشيء الهالك.

[هلم]

هَلُمَّ دعاء إلى الشيء، وفيه قولان:


(١) لم أجده، وقد تقدّم ص ٣٠٠.
(٢) البيت لمسلم بن الوليد في الحماسة البصرية ٢/ ٢٢٠، والحيوان ٤/ ٢٥٩.
البيت نسبه المؤلف في المحاضرات للسعيد، وبعده:
تسيب انسياب الأيم أخضره الندى ... يرّفع من أطرافه ما ترفعا
انظر: محاضرات الأدباء ٢/ ١٣٩، والحيوان للجاحظ ٤/ ٢٥٩، وعمدة الحفاظ (هلك) ، وتفسير الراغب ورقة ١٢٩.

<<  <   >  >>