للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العَذَابِ. قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً

[النمل/ ٢١] ، وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

[الأنفال/ ٣٣] ، أي: ما كان يُعَذِّبُهُمْ عَذَابَ الاستئصالِ، وقوله: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ [الأنفال/ ٣٤] ، لا يُعَذِّبُهُمْ بالسّيف، وقال:

وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ

[الإسراء/ ١٥] ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

[الشعراء/ ١٣٨] ، وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ

[الصافات/ ٩] ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [البقرة/ ١٠] ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ

[الحجر/ ٥٠] ، واختلف في أصله، فقال بعضهم: هو من قولهم: عَذَبَ الرّجلُ: إذا ترك المأكل والنّوم «١» ، فهو عَاذِبٌ وعَذُوبٌ، فَالتَّعْذِيبُ في الأصل هو حمل الإنسان أن يُعَذَّبَ، أي: يجوع ويسهر، وقيل: أصله من العَذْبِ، فَعَذَّبْتُهُ أي: أزلت عَذْبَ حياته على بناء مرّضته وقذّيته، وقيل: أصل التَّعْذِيبِ إكثارُ الضّرب بِعَذَبَةِ السّوطِ، أي: طرفها، وقد قال بعض أهل اللّغة: التَّعْذِيبُ هو الضّربُ، وقيل:

هو من قولهم: ماءٌ عَذَبٌ إذا كان فيه قذى وكدر، فيكون عَذَّبْتُهُ كقولك: كدّرت عيشه، وزلّقت حياته، وعَذَبَةُ السّوطِ واللّسانِ والشجرِ: أطرافُها.

[عذر]

العُذْرُ: تحرّي الإنسان ما يمحو به ذنوبه.

ويقال: عُذْرٌ وعُذُرٌ، وذلك على ثلاثة أضرب:

إمّا أن يقول: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التّوبة، فكلّ توبة عُذْرٌ وليس كلُّ عُذْرٍ توبةً، واعْتذَرْتُ إليه: أتيت بِعُذْرٍ، وعَذَرْتُهُ:

قَبِلْتُ عُذْرَهُ. قال تعالى: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا

[التوبة/ ٩٤] ، والمُعْذِرُ: من يرى أنّ له عُذْراً ولا عُذْرَ له. قال تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ

[التوبة/ ٩٠] ، وقرئ (المُعْذِرُونَ) «٢» أي: الذين يأتون بالعُذْرِ. قال ابن عباس: لعن الله المُعَذِّرِينَ ورحم المُعَذِّرِينَ «٣» ، وقوله: قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ

[الأعراف/ ١٦٤] ، فهو مصدر عَذَرْتُ، كأنه قيل: أطلب منه أن يَعْذُرَنِي، وأَعْذَرَ: أتى بما صار به مَعْذُوراً، وقيل: أَعْذَرَ من أنذر «٤» : أتى بما صار به مَعْذُوراً، قال بعضهم: أصل العُذْرِ من العَذِرَةِ وهو الشيء النجس «٥» ، ومنه سمّي القُلْفَةُ


(١) وهذا قول الأزهري، فإنه قال: القول في العذوب والعاذب أنه الذي لا يأكل ولا يشرب. انظر: اللسان (عذب) .
(٢) وبها قرأ يعقوب الحضرمي. انظر: إرشاد المبتدي ص ٣٥٥.
(٣) انظر: الدر المنثور ٤/ ٢٦٠، والأضداد لابن الأنباري ص ٣٢١، واللسان (عذر) . قال ابن الأنباري: كأنّ المعذر عنده الذي يأتي بمحض العذر، والمعذّر: المقصر، وانظر عمدة الحفاظ: عذر.
(٤) انظر: الأضداد ص ٣٢١، والبصائر ٤/ ٣٦.
(٥) راجع: اللسان مادة (عذر) .

<<  <   >  >>