للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغنى، وذلك يكون بإزالة الأوساخ من الجهل والطّيش والغضب، والحاجات البدنيّة بقدر طاقة البشر، وذلك قرب روحانيّ لا بدنيّ، وعلى هذا الْقُرْبِ نبّه عليه الصلاة والسلام فيما ذكر عن الله تعالى: «من تَقَرَّبَ إليّ شبرا تَقَرَّبْتُ إليه ذراعا» «١» وقوله عنه: «ما تقرّب إليّ عبد بمثل أداء ما افترضت عليه وإنه لَيَتَقَرَّبُ إليّ بعد ذلك بالنوافل حتى أحبّه ... » «٢» الخبر. وقوله: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ

[الأنعام/ ١٥٢] ، هو أبلغ من النّهي عن تناوله، لأنّ النّهي عن قربه أبلغ من النّهي عن أخذه، وعلى هذا قوله: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة/ ٣٥] ، وقوله: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة/ ٢٢٢] ، كناية عن الجماع، وقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء/ ٣٢] ، والقِرَابُ: الْمُقَارَبَةُ. قال الشاعر:

٣٦٦-

فإنّ قراب البطن يكفيك ملؤه

«٣» وقدح قَرْبَانُ: قَرِيبٌ من الملء، وقِرْبَانُ المرأة: غشيانها، وتَقْرِيبُ الفرس: سير يقرُبُ من عدوه، والْقُرَابُ: القريب، وفرس لاحق الْأَقْرَابِ، أي: الخواصر، والْقِرَابُ: وعاء السّيف، وقيل: هو جلد فوق الغمد لا الغمد نفسه، وجمعه: قُرُبٌ، وقَرَبْتُ السّيف وأَقْرَبْتُهُ، ورجل قَارِبٌ: قرب من الماء، وليلة القُرْبِ، وأَقْرَبُوا إبلهم، والْمُقْرِبُ: الحامل التي قرُبت ولادتُها.

[قرح]

القَرْحُ: الأثر من الجراحة من شيء يصيبه من خارج، والقُرْحُ: أثرها من داخل كالبثرة ونحوها، يقال: قَرَحْتُهُ نحو: جرحته، وقَرِحَ:

خرج به قرح «٤» ، وقَرَحَ قلبُهُ وأَقْرَحَهُ الله، وقد يقال القَرْحُ للجراحة، والقُرْحُ للألم. قال تعالى:

مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ [آل عمران/ ١٧٢] ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ [آل عمران/ ١٤٠] ، وقرئ:


(١) الحديث عن أبي هريرة قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «يقول الله عزّ وجلّ: أنا عند ظنّ عبدي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» متفق عليه: البخاري في التوحيد ١٣/ ٣٨٤، ومسلم في الذكر والدعاء برقم ٢٦٧٥. [.....]
(٢) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «إنّ الله تبارك وتعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ... » الحديث أخرجه البخاري في الرقاق، باب التواضع ١١/ ٣٤١.
(٣) هذا شطر بيت، وعجزه:
ويكفيك سوءات الأمور اجتنابها
وهو لهلال بن خثعم، والبيت في الحيوان للجاحظ ١/ ٣٨٣، والبخلاء ص ٢٠٢، وعيون الأخبار ٣/ ١٨٤.
(٤) انظر: الأفعال ٢/ ٧٧.

<<  <   >  >>