للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إبراهيم/ ٣٧] ، (فمن) اقتضى التّبعيض، فإنه كان نزل فيه بعض ذرّيته، وقوله: مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ [النور/ ٤٣] قال: تقديره أنه ينزّل من السّماء جبالا، فمن الأولى ظرف، والثانية في موضع المفعول، والثالثة للتّبيين كقولك: عنده جبال من مال. وقيل: يحتمل أن يكون قوله:

«من جبال» نصبا على الظّرف على أنه ينزّل منه، وقوله: مِنْ بَرَدٍ نصب. أي: ينزّل من السماء من جبال فيها بردا، وقيل: يصحّ أن يكون موضع من في قوله: مِنْ بَرَدٍ رفعا، ومِنْ جِبالٍ نصبا على أنه مفعول به، كأنه في التّقدير: وينزّل من السّماء جبالا فيها برد، ويكون الجبال على هذا تعظيما وتكثيرا لما نزل من السّماء. وقوله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة/ ٤] ، قال أبو الحسن: من زائدة «١» ، والصّحيح أنّ تلك ليست بزائدة، لأن بعض ما يمسكن لا يجوز أكله كالدّم والغدد وما فيها من القاذورات المنهيّ عن تناولها.

[منع]

المنع يقال في ضدّ العطيّة، يقال: رجل مانع ومنّاع. أي: بخيل. قال الله تعالى: وَيَمْنَعُونَ

الْماعُونَ [الماعون/ ٧] ، وقال: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ

[ق/ ٢٥] ، ويقال في الحماية، ومنه:

مكان منيع، وقد منع وفلان ذو مَنَعَة. أي: عزيز ممتنع على من يرومه. قال تعالى: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

[النساء/ ١٤١] ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ [البقرة/ ١١٤] ، ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ

[الأعراف/ ١٢] أي: ما حملك؟

وقيل: ما الذي صدّك وحملك على ترك ذلك؟

يقال: امرأة منيعة كناية عن العفيفة. وقيل:

مَنَاعِ. أي: امنع، كقولهم: نَزَالِ. أي: انْزِلْ.

[منى]

المَنَى: التّقدير. يقال: مَنَى لك الماني، أي: قدّر لك المقدّر، ومنه: المَنَا الذي يوزن به فيما قيل، والمَنِيُّ للذي قدّر به الحيوانات. قال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى

[القيامة/ ٣٧] ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى

[النجم/ ٤٦] أي: تقدّر بالعزّة الإلهية ما لم يكن منه، ومنه: المَنِيَّة، وهو الأجل المقدّر للحيوان، وجمعه: مَنَايا، والتَّمَنِّي: تقدير شيء في النّفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظنّ، ويكون عن رويّة وبناء على أصل، لكن لمّا كان


(١) وعبارته: أدخل «من» كما أدخله في قوله: كان من حديث، وقد كان من مطر، وقوله: وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ وهو فيما فسّر: ينزّل من السماء جبالا فيها برد. انظر:
معاني القرآن لأبي الحسن الأخفش ١/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>