للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النساء/ ١١٧] فمن المفسرين من اعتبر حكم اللفظ فقال: لمّا كانت أسماء معبوداتهم مؤنثة نحو: اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ [النجم/ ١٩- ٢٠] قال ذلك:

ومنهم- وهو أصحّ- من اعتبر حكم المعنى، وقال: المنفعل يقال له: أنيث، ومنه قيل للحديد الليّن: أنيث، فقال: ولمّا كانت الموجودات بإضافة بعضها إلى بعض ثلاثة أضرب:

- فاعلا غير منفعل، وذلك هو الباري عزّ وجلّ فقط.

- ومنفعلا غير فاعل، وذلك هو الجمادات.

- ومنفعلا من وجه كالملائكة والإنس والجن، وهم بالإضافة إلى الله تعالى منفعلة، وبالإضافة إلى مصنوعاتهم فاعلة، ولمّا كانت معبوداتهم من جملة الجمادات التي هي منفعلة غير فاعلة سمّاها الله تعالى أنثى وبكّتهم بها، ونبّههم على جهلهم في اعتقاداتهم فيها أنها آلهة، مع أنها لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر، بل لا تفعل فعلا بوجه، وعلى هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً

[مريم/ ٤٢] .

وأمّا قوله عزّ وجل: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف/ ١٩] فلزعم الذين قالوا: إنّ الملائكة بنات الله.

[إنس]

الإنس: خلاف الجن، والأنس: خلاف النفور، والإنسيّ منسوب إلى الإنس يقال ذلك لمن كثر أنسه، ولكلّ ما يؤنس به، ولهذا قيل:

إنسيّ الدابة للجانب الذي يلي الراكب «١» ، وإنسيّ القوس: للجانب الذي يقبل على الرامي.

والإنسيّ من كل شيء: ما يلي الإنسان، والوحشيّ: ما يلي الجانب الآخر له.

وجمع الإنس أَناسيُّ، قال الله تعالى:

وَأَناسِيَّ كَثِيراً [الفرقان/ ٤٩] .

وقيل ابن إنسك للنفس «٢» ، وقوله عزّ وجل:

فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً

[النساء/ ٦] أي:

أبصرتم أنسا بهم، وآنَسْتُ ناراً [طه/ ١٠] ، وقوله: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا

[النور/ ٢٧] أي:

تجدوا إيناسا.

والإِنسان قيل: سمّي بذلك لأنه خلق خلقة لا قوام له إلا بإنس بعضهم ببعض، ولهذا قيل:

الإنسان مدنيّ بالطبع، من حيث لا قوام لبعضهم إلا ببعض، ولا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه، وقيل: سمّي بذلك لأنه يأنس بكلّ ما يألفه «٣» ، وقيل: هو إفعلان، وأصله: إنسيان، سمّي بذلك لأنه عهد الله إليه فنسي.


(١) الغريب المصنف ورقة ٧٣، مخطوطة تركيا.
(٢) راجع: المجمل ١/ ١٠٤. [.....]
(٣) المقتضب ٤/ ١٣.

<<  <   >  >>