للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة المشار إليها بقوله: وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى [طه/ ٥٥] ، فذلك نظر إلى حالتين كلتاهما داخلة في عموم اللفظ. وقوله تعالى:

فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ

[إبراهيم/ ٩] ، قيل: عضّوا الأنامل غيظا، وقيل: أومأوا إلى السّكوت وأشاروا باليد إلى الفم، وقيل: ردّوا أيديهم في أفواه الأنبياء فأسكتوهم، واستعمال الرّدّ في ذلك تنبيها أنهم فعلوا ذلك مرّة بعد أخرى. وقوله تعالى: لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً

[البقرة/ ١٠٩] ، أي:

يرجعونكم إلى حال الكفر بعد أن فارقتموه، وعلى ذلك قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ [آل عمران/ ١٠٠] ، والارْتِدَادُ والرِّدَّةُ: الرّجوع في الطّريق الذي جاء منه، لكن الرّدّة تختصّ بالكفر، والارتداد يستعمل فيه وفي غيره، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ

[محمد/ ٢٥] ، وقال:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ

[المائدة/ ٥٤] ، وهو الرّجوع من الإسلام إلى الكفر، وكذلك: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ

[البقرة/ ٢١٧] ، وقال عزّ وجلّ: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً

[الكهف/ ٦٤] ، إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى

[محمد/ ٢٥] ، وقال تعالى: وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا

[الأنعام/ ٧١] ، وقوله تعالى: وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ

[المائدة/ ٢١] ، أي: إذا تحقّقتم أمرا وعرفتم خيرا فلا ترجعوا عنه. وقوله عزّ وجلّ:

فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً

[يوسف/ ٩٦] ، أي: عاد إليه البصر، ويقال: رَدَدْتُ الحكم في كذا إلى فلان: فوّضته إليه، قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ

[النساء/ ٨٣] ، وقال: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء/ ٥٩] ، ويقال: رَادَّهُ في كلامه. وقيل في الخبر: «البيّعان يَتَرَادَّانِ» «١» أي: يردّ كلّ واحد منهما ما أخذ، ورَدَّةُ الإبل: أن تَتَرَدَّدَ إلى الماء، وقد أَرَدَّتِ النّاقة «٢» ، واسْتَرَدَّ المتاع: استرجعه.

[ردف]

الرِّدْفُ: التابع، ورِدْفُ المرأة: عجيزتها، والتَّرَادُفُ: التتابع، والرَّادِفُ: المتأخّر، والمُرْدِفُ: المتقدّم الذي أَرْدَفَ غيره، قال تعالى: فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ


(١) أخرجه مالك في المدونة بلاغا ٤/ ١٨٨، وأحمد ١/ ٤٦٦، وابن الجارود في المنتقى ص ١٥٩. [.....]
(٢) قال في اللسان: الرّدّة: أن تشرب الإبل الماء عللا فترتدّ الألبان في ضروعها. وأردّت الناقة: ورمت أرفاغها وحياؤها من شرب الماء.

<<  <   >  >>