للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقتضيه بداية العقول، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد، ومن قال: الغَيْبُ هو القرآن «١» ، ومن قال: هو القدر «٢» فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه. وقال بعضهم «٣» : معناه يؤمنون إذا غَابُوا عنكم، وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة/ ١٤] ، وعلى هذا قوله: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [فاطر/ ١٨] ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [ق/ ٣٣] ، وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [النحل/ ٧٧] ، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ [مريم/ ٧٨] ، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن/ ٢٦] ، لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل/ ٦٥] ، ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ [آل عمران/ ٤٤] ، وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران/ ١٧٩] ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ

[المائدة/ ١٠٩] ، إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [سبأ/ ٤٨] ، وأَغابَتِ المرأة: غاب زوجها. وقوله في صفة النّساء: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ

[النساء/ ٣٤] ، أي: لا يفعلن في غيبة الزّوج ما يكرهه الزّوج. والْغِيبَةُ: أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من عيب من غير أن أحوج إلى ذكره، قال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً

[الحجرات/ ١٢] ، والغَيَابَةُ: منهبط من الأرض، ومنه: الغَابَةُ للأجمة، قال: فِي غَيابَتِ الْجُبِّ [يوسف/ ١٠] ، ويقال: هم يشهدون أحيانا، ويَتَغَايَبُونَ أحيانا، وقوله: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [سبأ/ ٥٣] ، أي: من حيث لا يدركونه ببصرهم وبصيرتهم.

[غوث]

الغَوْثُ يقال في النّصرة، والغَيْثُ في المطر، واسْتَغَثْتُهُ: طلبت الغوث أو الغيث، فَأَغَاثَنِي من الغوث، وغَاثَنِي من الغيث، وغَوَّثت من الغوث، قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ

[الأنفال/ ٩] ، وقال: فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص/ ١٥] ، وقوله:

وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف/ ٢٩] ، فإنّه يصحّ أن يكون من الغيث، ويصحّ أن يكون من الغوث، وكذا يُغَاثُوا، يصحّ فيه المعنيان. والغيْثُ: المطر في قوله: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ [الحديد/ ٢٠] ، قال الشاعر:


(١) وهو قول زرّ بن حبيش، حكاه عنه الماوردي. انظر: تفسير الماوردي ١/ ٦٥.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٦، عن زيد بن أسلم، وفيه ضعف.
(٣) وهو أبو مسلم الأصفهاني، انظر تفسير الرازي ٢/ ٢٧.

<<  <   >  >>