للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون له خير يقبل منه، وقوله: بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ

[الأنعام/ ١] ، أي: يجعلون له عَدِيلًا فصار كقوله: هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل/ ١٠٠] ، وقيل: يَعْدِلُونَ بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره، وقيل: يَعْدِلُونَ بعبادتهم عنه تعالى، وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ

[النمل/ ٦٠] ، يصحّ أن يكون من قولهم: عَدَلَ عن الحقّ: إذا جار عُدُولًا، وأيّام مُعْتَدِلَاتٌ: طيّبات لِاعْتِدَالِهَا، وعَادَلَ بين الأمرين: إذا نظر أيّهما أرجح، وعَادَلَ الأمرَ: ارتبك فيه، فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه، وقولهم: (وضع على يدي عَدْلٍ) فمثل مشهور «١» .

[عدن]

قال تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ

[النحل/ ٣١] ، أي: استقرار وثبات، وعَدَنَ بمكان كذا: استقرّ، ومنه المَعْدِنُ: لمستقرّ الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام: «المَعْدِنُ جُبَارٌ» «٢» .

[عدا]

العَدُوُّ: التّجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب، فيقال له: العَدَاوَةُ والمُعَادَاةُ، وتارة بالمشي، فيقال له: العَدْوُ، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له: العُدْوَانُ والعَدْوُ. قال تعالى: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ

[الأنعام/ ١٠٨] ، وتارة بأجزاء المقرّ، فيقال له: العَدْوَاءُ. يقال: مكان ذو عَدْوَاءَ «٣» ، أي: غير متلائم الأجزاء. فمن المُعَادَاةِ يقال:

رجلٌ عَدُوٌّ، وقومٌ عَدُوٌّ. قال تعالى: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [طه/ ١٢٣] ، وقد يجمع على عِدًى وأَعْدَاءٍ. قال تعالى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ [فصلت/ ١٩] ، والعَدُوُّ ضربان:

أحدهما: بقصد من المُعَادِي نحو: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ [النساء/ ٩٢] ، جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ [الفرقان/ ٣١] ، وفي أخرى: عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام/ ١١٢] .

والثاني: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذّى بها كما يتأذّى ممّا يكون من العِدَى، نحو قوله:

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ

[الشعراء/ ٧٧] ، وقوله في الأولاد: عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ

[التغابن/ ١٤] ، ومن العَدْوِ يقال:


(١) وهو مثل يضرب لكل شيء قد يئس منه. والعدل هو العدل بن جزء، كان ولي شرط تبّع، فكان تبّع إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فقيل: وضع على يدي عدل. ثم قيل ذلك لكل شيء يئس منه. انظر: المجمل ٣/ ٦٥٢، ومجمع الأمثال ٢/ ٨.
(٢) عن جابر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «السائبة جبار، والجبّ جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٥٤، وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط، وأبو يعلى، والدارقطني ٣/ ١٧٨. وانظر: مجمع الزوائد ٦/ ٣٠٦.
(٣) العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. انظر: المجمل ٣/ ٦٥٣.

<<  <   >  >>