للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخفّ من المشي حتى يرقّ، وقد حَفِيَ «١» حَفاً وحَفْوَة، ومنه: أَحْفَيْتُ الشّارب: أخذته أخذا متناهيا، والحَفِيُّ: البرّ اللطيف في قوله عزّ وجلّ: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا [مريم/ ٤٧] ، ويقال: حَفَيْتُ بفلان وتَحَفَّيْتُ به: إذا عنيت بإكرامه، والحَفِيّ: العالم بالشيء.

حقَ

أصل الحَقّ: المطابقة والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه «٢» لدورانه على استقامة.

والحقّ يقال على أوجه:

الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحقّ «٣» ، قال الله تعالى: وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ «٤» ، وقيل بعيد ذلك: فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [يونس/ ٣٢] .

والثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كلّه حق، نحو قولنا: الموت حق، والبعث حق، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً [يونس/ ٥] ، إلى قوله: ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ [يونس/ ٥] ، وقال في القيامة: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يونس/ ٥٣] ، ولَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ [البقرة/ ١٤٦] ، وقوله عزّ وجلّ: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة/ ١٤٧] ، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [البقرة/ ١٤٩] .

والثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنّة والنّار حقّ، قال الله تعالى: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ [البقرة/ ٢١٣] .

والرابع: للفعل والقول بحسب ما يجب وبقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا:

فعلك حقّ وقولك حقّ، قال تعالى: كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ [يونس/ ٣٣] ، وحَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ [السجدة/ ١٣] ، وقوله عزّ وجلّ: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ [المؤمنون/ ٧١] ، يصح أن يكون المراد به الله تعالى، ويصحّ أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال: أَحققْتُ كذا، أي: أثبتّه حقا، أو حكمت بكونه حقا، وقوله


(١) انظر: الأفعال ١/ ٣٧٤.
(٢) هي عقب الباب.
(٣) راجع: الأسماء والصفات ص ٢٦.
(٤) سورة يونس آية ٣٠.

<<  <   >  >>