للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦٨] ، تنبيها أنّ الصّبر التّامّ إنّما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء، وذلك صعب إلّا بفيض إلهيّ.

وقوله عزّ وجلّ: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ [يونس/ ٢٢] ، فذلك إحاطة بالقدرة، وكذلك قوله عزّ وجلّ: وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها [الفتح/ ٢١] ، وعلى ذلك قوله:

إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ [هود/ ٨٤] .

[حيف]

الحَيْفُ: الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين، قال الله تعالى: أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

[النور/ ٥٠] ، أي: يخافون أن يجور في حكمه. ويقال تَحَيَّفْتُ الشيء أخذته من جوانبه «١» .

[حاق]

قوله تعالى: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ

[هود/ ٨] . قال عزّ وجلّ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ

[فاطر/ ٤٣] ، أي: لا ينزل ولا يصيب، قيل: وأصله حقّ فقلب، نحو: زلّ وزال، وقد قرئ: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ [البقرة/ ٣٦] ، وأزالهما «٢» وعلى هذا: ذمّه وذامه.

[حول]

أصل الحَوْل تغيّر الشيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التّغيّر قيل: حَالَ الشيء يَحُولُ حُؤُولًا، واستحال: تهيّأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل: حَالَ بيني وبينك كذا، وقوله تعالى:

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال/ ٢٤] ، فإشارة إلى ما قيل في وصفه: (يا مقلّب القلوب والأبصار) «٣» ، وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل: على ذلك وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ

[سبأ/ ٥٤] ، وقال بعضهم في قوله:

يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال/ ٢٤] ، هو أن يهلكه، أو يردّه إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا «٤» ، وحَوَّلْتُ الشيء فَتَحَوَّلَ:

غيّرته، إمّا بالذات، وإمّا بالحكم والقول، ومنه:

أَحَلْتُ على فلان بالدّين. وقولك: حوّلت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصّورة الأولى، وفي المثل «٥» : لو كان ذا حيلة لتحوّل، وقوله عزّ وجلّ: لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا

[الكهف/ ١٠٨] ، أي: تحوّلا.

والحَوْلُ: السّنة، اعتبارا بانقلابها ودوران الشّمس في مطالعها ومغاربها، قال الله تعالى:


(١) انظر: المجمل ١/ ٢٥٩.
(٢) وبها قرأ حمزة. انظر: الإتحاف ١٣٤.
(٣) الحديث عن أنس قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك. أخرجه أحمد ٣/ ١١٢.
(٤) انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل ١/ ٤٣٨.
(٥) الأمثال لأبي عبيد ص ٣٣٧، ومجمع الأمثال ٢/ ١٧٥.

<<  <   >  >>