للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَوْعاً وَكَرْهاً

[آل عمران/ ٨٣] «١» قيل معناه: أسلم من في السموات طوعا، ومن في الأرض كرها. أي: الحجّة أكرهتهم وألجأتهم، كقولك: الدّلالة أكرهتني على القول بهذه المسألة، وليس هذا من الكره المذموم.

الثاني: أسلم المؤمنون طوعا، والكافرون كرها إذ لم يقدروا أن يمتنعوا عليه بما يريد بهم ويقضيه عليهم.

الثالث: عن قتادة: أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها عند الموت حيث قال: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا ... الآية [غافر/ ٨٥] .

الرابع: عني بالكره من قوتل وألجئ إلى أن يؤمن.

الخامس: عن أبي العالية «٢» ومجاهد أنّ كلّا أقرّ بخلقه إيّاهم وإن أشركوا معه، كقوله:

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف/ ٨٧] .

السادس: عن ابن عباس: أسلموا بأحوالهم المنبئة عنهم وإن كفر بعضهم بمقالهم، وذلك هو الإسلام في الذّرّ الأوّل «٣» حيث قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الأعراف/ ١٧٢] وذلك هو دلائلهم التي فطروا عليها من العقل المقتضي لأن يسلموا، وإلى هذا أشار بقوله: وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [الرعد/ ١٥] .

السابع: عن بعض الصّوفيّة: أنّ من أسلم طوعا هو من طالع المثيب والمعاقب لا الثّواب والعقاب فأسلم له، ومن أسلم كرها هو من طالع الثّواب والعقاب فأسلم رغبة ورهبة، ونحو هذه الآية قوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً [الرعد/ ١٥] .

[كسب]

الكَسْبُ: ما يتحرّاه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع، وتحصيل حظّ، كَكَسْبِ المال، وقد يستعمل فيما يظنّ الإنسان أنه يجلب منفعة، ثم استجلب به مضرّة. والكَسْبُ يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره، ولهذا قد يتعدّى إلى مفعولين، فيقال: كَسَبْتُ فلانا كذا، والِاكْتِسَابُ لا يقال إلّا فيما استفدته لنفسك، فكلّ اكْتِسَابٍ كسب، وليس كلّ كَسْبٍ اكتسابا، وذلك نحو: خبز واختبز، وشوى واشتوى، وطبخ واطّبخ، وقوله تعالى:

أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ

[البقرة/ ٢٦٧] روي أنه قيل للنّبي صلّى الله عليه وسلم «٤» : أيّ الكسب أطيب؟


(١) الآية: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً.
(٢) أبو العالية الرياحي، واسمه رفيع بن مهران، ثقة كثير الإرسال، من الثانية. مات سنة تسعين. راجع: تقريب التهذيب ص ٢١٠. [.....]
(٣) أخرجه ابن جرير ٣/ ٣٣٦ بسند صحيح.
(٤) انظر سنن النسائي ٧/ ٢٤١، وأخرجه أحمد ٤/ ١٤١، وفيه المسعودي، وهو ثقة لكنه اختلط.

<<  <   >  >>