للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [مريم/ ٢٥] ، فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ

[النمل/ ١٠] ، واهْتَزَّ النّبات: إذا تحرّك لنضارته، قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ

[الحج/ ٥] واهْتَزَّ الكوكب في انقضاضه، وسيف هَزْهَازٌ، وماء هُزَهِزٌ ورجل هُزَهِزٌ: خفيف.

[هزل]

قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ

[الطارق/ ١٣- ١٤] الْهَزْلُ: كلّ كلام لا تحصيل له، ولا ريع تشبيها بِالهُزَالِ.

[هزؤ]

الهُزْءُ: مزح في خفية، وقد يقال لما هو كالمزح، فممّا قصد به المزح قوله: اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً

[المائدة/ ٥٨] ، وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً [الجاثية/ ٩] ، وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً [الفرقان/ ٤١] ، وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً [الأنبياء/ ٣٦] ، أَتَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة/ ٦٧] ، وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً [البقرة/ ٢٣١] ، فقد عظّم تبكيتهم، ونبّه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، والوقوف على صحّتها بأنهم يَهْزَءُونَ بها، يقال: هَزِئْتُ به، واسْتَهْزَأْتُ، والاسْتِهْزَاءُ: ارتياد الْهُزُؤِ وإن كان قد يعبّر به عن تعاطي الهزؤ، كالاستجابة في كونها ارتيادا للإجابة، وإن كان قد يجري مجرى الإجابة. قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ

[التوبة/ ٦٥] ، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [هود/ ٨] ، ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [الحجر/ ١١] ، إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها

[النساء/ ١٤٠] ، وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ

[الأنعام/ ١٠] والِاسْتِهْزَاءُ من الله في الحقيقة لا يصحّ، كما لا يصحّ من الله اللهو واللّعب، تعالى الله عنه. وقوله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة/ ١٥] أي: يجازيهم جزاء الهزؤ.

ومعناه: أنه أمهلهم مدّة ثمّ أخذهم مغافصة «١» ، فسمّى إمهاله إيّاهم استهزاء من حيث إنهم اغترّوا به اغترارهم بالهزؤ، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لأنهم استهزءوا فعرف ذلك منهم، فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل: من خدعك وفطنت له ولم تعرّفه فاحترزت منه فقد خدعته. وقد روي: [أنّ الْمُسْتَهْزِئِينَ في الدّنيا يفتح لهم باب من الجنّة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سدّ عليهم فذلك قوله: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين/ ٣٤] «٢» وعلى هذه


(١) غافص الرجل مغافصة وغفاصا: أخذه على غرّة بمساءة. اللسان (غفص) .
(٢) عن ابن عباس في قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ في الآخرة، يفتح لهم باب في جهنم من الجنة، ثم يقال لهم: تعالوا، فيقبلون يسبحون في النار، والمؤمنون على الأرائك ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سدّ عنهم فيضحك المؤمنون منهم. أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٦١٦.

<<  <   >  >>