قيل: تقديره: سبحان علقمة، على طريق التهكم، فزاد فيه «من» ردّا إلى أصله.
وتعقّبه البغدادي، فقال:
وزعم الراغب أنّ سبحان في هذا البيت مضاف إلى علقمة، ومن زائدة. وهو ضعيف لغة وصناعة. أمّا الأول فلأنّ العرب لا تستعمله مضافا إلا إلى الله، أو إلى ضميره، أو إلى الربّ، ولم يسمع إضافته إلى غيره. وأمّا صناعة فلأنّ «من» لا تزاد في الواجب عند البصريين. راجع: خزانة الأدب ٧/ ٢٤٥.
ومنها في مادة (ميد) ، قال: والمائدة: الطبق الذي عليه الطعام، ويقال لكلّ واحد منها مائدة. وتعقّبه السمين فقال: والمائدة: الخوان عليه الطعام، فإن لم يكن عليه طعام فليس بمائدة.
هذا هو المشهور إلا أن الراغب قال: ... وذكر عبارته. انظر: الدر المصون ٤/ ٥٠٢.
- ومن ذلك اختياره لوجوه ضعيفة، كقوله في مادة: ربّ: الرباني لفظ سرياني، وقد ردّه السمين في عمدة الحفاظ.
وغير ذلك من المسائل التي تراها في حواشي الكتاب. وفي كتاب عمدة الحفاظ أيضا.
وكل هذه الملاحظات لا تقدح في الكتاب، إذ أبى الله أن يصحّ إلا كتابه، وكما قال ابن عباس ومن بعده الإمام مالك: ما منّا إلا ردّ أو ردّ عليه إلا صاحب هذا المقام، وأشار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وهذا يؤكّد ويبين معنى قوله تعالى: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ.
[محنة في حياة الراغب:]
ذكر الراغب في مقدمة كتابه «حلّ متشابهات القرآن» ما يلي:
فاتفقت خلوة سطوت على وحشتها بالقرآن، ولولا أنسه لم يكن لي بها يدان، وذلك بعد ما عملت من كتاب «المعاني الأكبر» وأمليت من «احتجاج القراءات» . وكانت هذه الخلوة خلوة عين، لا خلوة قلب، واضطرار لا عن اختيار، بل لقهر وغلب، في حالة توزّع الرأي فيها مذاهب، واقتسم الهمّ بها مطالب «١» . ا. هـ.
والظاهر أنه سجن، لأنه يقول:(خلوة عين) ، أي: لم يعد يرى أحدا، لا خلوة قلب لأنّ قلبه مليء بالهموم والمشاغل، وقوله:(واضطرار) يؤكد ذلك.