للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديد/ ١٤] ، ونفى من المؤمنين الِارْتِيَابَ فقال: وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ

[المدثر/ ٣١] ، وقال: ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا

[الحجرات/ ١٥] ، وقيل: «دع ما يُرِيبُكَ إلى ما لا يُرِيبُكَ» «١» ورَيْبُ الدّهر صروفه، وإنما قيل رَيْبٌ لما يتوهّم فيه من المكر، والرِّيبَةُ اسم من الرّيب قال: بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ

[التوبة/ ١١٠] ، أي: تدلّ على دغل وقلّة يقين.

[روح]

الرَّوْحُ والرُّوحُ في الأصل واحد، وجعل الرّوح اسما للنّفس، قال الشاعر في صفة النار:

٢٠٢-

فقلت له ارفعها إليك وأحيها ... بروحك واجعلها لها قيتة قدرا

«٢» وذلك لكون النّفس بعض الرّوح كتسمية النوع باسم الجنس، نحو تسمية الإنسان بالحيوان، وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة والتّحرّك، واستجلاب المنافع واستدفاع المضارّ، وهو المذكور في قوله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

[الإسراء/ ٨٥] ، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الحجر/ ٢٩] ، وإضافته إلى نفسه إضافة ملك، وتخصيصه بالإضافة تشريفا له وتعظيما، كقوله:

وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الحج/ ٢٦] ، ويا عِبادِيَ

[الزمر/ ٥٣] ، وسمّي أشراف الملائكة أَرْوَاحاً، نحو: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا

[النبأ/ ٣٨] ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ [المعارج/ ٤] ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ

[الشعراء/ ١٩٣] ، سمّي به جبريل، وسمّاه بِرُوحِ القدس في قوله: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ [النحل/ ١٠٢] ، وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ [البقرة/ ٢٥٣] ، وسمّي عيسى عليه السلام رُوحاً في قوله: وَرُوحٌ مِنْهُ

[النساء/ ١٧١] ، وذلك لما كان له من إحياء الأموات، وسمّي القرآن رُوحاً في قوله: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى/ ٥٢] ، وذلك لكون القرآن سببا للحياة الأخرويّة الموصوفة في قوله:

وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [العنكبوت/ ٦٤] ، والرَّوْحُ التّنفّس، وقد أَرَاحَ الإنسان إذا تنفّس. وقوله: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ

[الواقعة/ ٨٩] ، فالرَّيْحَانُ: ما له رائحة، وقيل: رزق، ثمّ يقال


(١) الحديث عن أبي الجوزاء قال: قلت للحسن بن عليّ: ما حفظت من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: حفظت منه: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . أخرجه الترمذي في صفة القيامة رقم (٢٥٢٠) وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم ٢/ ١٣ وصححه ووافقه الذهبي، وابن حبان (٥١٢) وصححه، والنسائي ٨/ ٣٢٧، وانظر: شرح السنة ٨/ ١٧. [.....]
(٢) البيت لذي الرّمة من قصيدة له مطلعها:
لقد جشأت نفسي عشية مشرف ... ويوم لوى حزوى فقلت لها صبرا
وتسمى هذه القصيدة أحجية العرب، والبيت في ديوانه ص ٢٤٦، والبصائر ٣/ ١٠٣، واللسان (حيا) .

<<  <   >  >>