للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النحر، ويوم عرفة، وروي: «العمرة الحجّ الأصغر» «١» .

والحُجَّة: الدلالة المبيّنة للمحجّة، أي:

المقصد المستقيم الذي يقتضي صحة أحد النقيضين. قال تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ [الأنعام/ ١٤٩] ، وقال: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا [البقرة/ ١٥٠] ، فجعل ما يحتجّ بها الذين ظلموا مستثنى من الحجة وإن لم يكن حجة، وذلك كقول الشاعر:

١٠٤-

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب

«٢» ويجوز أنّه سمّى ما يحتجون به حجة، كقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ

[الشورى/ ١٦] ، فسمّى الداحضة حجّة، وقوله تعالى: لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ [الشورى/ ١٥] ، أي: لا احتجاج لظهور البيان، والمُحاجَّة: أن يطلب كلّ واحد أن يردّ الآخر عن حجّته ومحجّته، قال تعالى: وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ: أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ [الأنعام/ ٨٠] ، فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ [آل عمران/ ٦١] ، وقال تعالى: لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ [آل عمران/ ٦٥] ، وقال تعالى: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران/ ٦٦] ، وقال تعالى: وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ [غافر/ ٤٧] ، وسمّي سبر الجراحة حجّا، قال الشاعر:

١٠٥-

يحجّ مأمومة في قعرها لجف

«٣»

[حجب]

الحَجْب والحِجَاب: المنع من الوصول، يقال: حَجَبَه حَجْباً وحِجَاباً، وحِجَاب الجوف:

ما يحجب عن الفؤاد، وقوله تعالى: وَبَيْنَهُما حِجابٌ [الأعراف/ ٤٦] ، ليس يعني به ما يحجب البصر، وإنما يعني ما يمنع من وصول لذّة أهل الجنّة إلى أهل النّار، وأذيّة أهل النّار إلى أهل الجنّة، كقوله عزّ وجل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ [الحديد/ ١٣] ، وقال عزّ وجل:


(١) هذا مروي عن ابن عباس، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم قال: العمرة الحجة الصغرى.
وأخرج الشافعي في الأم عن عبد الله بن أبي بكر أنّ في الكتاب الذي كتبه رسول الله لعمرو بن حزم: «إنّ العمرة هي الحج الأصغر» راجع: الدر المنثور ١/ ٥٠٤- ٥٠٥، وأخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ١٥٨.
(٢) البيت للنابغة الذبياني من قصيدة له يمدح عمرو بن الحارث الأصغر وهو في ديوانه ص ١١، والبصائر ٢/ ٤٣٢.
(٣) الشطر لعذار بن درة الطائي، وعجزه:
فاست الطبيب قذاها كالمغاريد
وهو في المجمل ١/ ٢٢١، والمعاني الكبير ٢/ ٩٧٧، واللسان: (حجّ) .

<<  <   >  >>