للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحكمة» «١» أي: قضية صادقة «٢» ، وذلك نحو قول لبيد:

١٢٢-

إنّ تقوى ربّنا خير نفل

«٣» قال الله تعالى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مريم/ ١٢] ، وقال صلّى الله عليه وسلم: «الصمت حكم وقليل فاعله» «٤» أي: حكمة، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران/ ١٦٤] ، وقال تعالى:

وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب/ ٣٤] ، قيل: تفسير القرآن، ويعني ما نبّه عليه القرآن من ذلك: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ [المائدة/ ١] ، أي: ما يريده يجعله حكمة، وذلك حثّ للعباد على الرضى بما يقضيه. قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله:

مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب/ ٣٤] ، هي علم القرآن، ناسخه، مُحْكَمه ومتشابهه.

وقال ابن زيد «٥» : هي علم آياته وحكمه. وقال السّدّي «٦» : هي النبوّة، وقيل: فهم حقائق القرآن، وذلك إشارة إلى أبعاضها التي تختص بأولي العزم من الرسل، ويكون سائر الأنبياء تبعا لهم في ذلك. وقوله عزّ وجلّ: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا [المائدة/ ٤٤] ، فمن الحكمة المختصة بالأنبياء أو من الحكم قوله عزّ وجلّ: آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ

[آل عمران/ ٧] ،


(١) الحديث أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يجوز من الشعر والأدب ١٠/ ٤٤٥، وأبو داود، وروايته: «إن من الشعر لحكما» . انظر: معالم السنن ٤/ ١٣٦، وجمع الفوائد ٢/ ٢٦٠، وشرح السنة ١٢/ ٣٦٩. [.....]
(٢) هذا اصطلاح أهل المنطق، والقضية مرادفة للخبر، وتعريفها: مركّب احتمل الصدق والكذب لذاته.
قال الأخضري في السّلّم:
ما احتمل الصدق لذاته جرى ... بينهم قضية وخبرا
راجع: شرح السّلّم ص ٩.
(٣) وعجزه:
وبإذن الله ريثي وعجل
انظر: ديوانه ص ١٣٩.
(٤) أخرجه البيهقي في (الشعب) عن أنس مرفوعا بسند ضعيف، والقضاعي عن أنس، والديلمي في الفردوس عن ابن عمر، وصحّح أنه موقوف من قول لقمان، وكذا أخرجه ابن حبان في (روضة العقلاء) بسند صحيح ص ٤١. وقال السيوطي: أخرج العسكري في (الأمثال) والحاكم والبيهقي في (الشعب) عن أنس أنّ لقمان كان عبدا لداود عليه السلام، وهو يسرد الدرع، فجعل يفتله هكذا بيده، فجعل لقمان عليه السلام يتعجب ويريد أن يسأله، وتمنعه حكمته أن يسأله، فلما فرغ منها صبّها على نفسه وقال: نعم درع الحرب هذه، فقال لقمان: الصمت من الحكمة وقليل فاعله، كنت أردت أن أسألك فسكتّ حتى كفيتني. راجع: الدر المنثور ٦/ ٥١٣، وكشف الخفاء ٢/ ٣٢، والفتح الكبير ٢/ ٢٠٢.
(٥) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، مات سنة ١٨٢ هـ. انظر: طبقات المفسرين للداوودي ١/ ٢٧١.
(٦) إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، أبو محمد الأعور. انظر: طبقات المفسرين ١/ ١١٠.

<<  <   >  >>