للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَشَقّة. قال الأعشى (٨٦) :

(لا يَغْمِزُ الساقَ من أَيْنٍ ولا وصَبٍ ... ولا يعضُ على شُرْسوفِهِ الصَّفَرَ)

قال أبو عبيدة (٨٧) : سمعت يونس يسأل رؤبة عن الصَفَر، فقال: هي حية تكون في البطن تُصيب الماشية والناس، وهي عند العرب أعدى من الجرب. ويقال إنها تشتدُّ بالإنسان إذا كان جائعا. قال النبي: (لاعدوى ولا صَفَرَ ولا هامة) (٨٨) . فمعنى قوله: لا عدوى: لا يُعدى شيء شيئاً. والصفر: هو الذي مضى تفسيره.

وقال أبو عبيدة (٨٩) : الصفر: تأخيرهم [تحريم] المحرّم إلى صفر، لتُمْكِنَهم الإغارة فيه. ومنه قول الله عز وجل: {إنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكفرِ} (٩٠) أي تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر.

والهامة: معناها أن العرب كانت تقول في الجاهلية: تجتمع عظام الميت فتصير هامة تطير. ويقال للطائر الذي يخرج من هامة الميِّت [إذا بَلِي] : صدىً وجمعه: أَصْداء. قال لبيد (٩١) :

(فليسَ الناسُ بعدكَ في نَقِيرٍ ... ولا هم غيرُ أَصْداءٍ وهامِ) (٣٥٨)


(٨٦) هو أعشى باهلة عامر بن الحارث. والبيت من قصيدة له رثى بها المنتشر بن وهب الباهلي. وهي من عيون المراثي. ويقال إنها للدعجاء بنت وهب أخت المنتشر. ينظر تخريجها في السمط: ٢٧٥، والأصمعيات: ٨٨. والبيت ملفق من صدر بيت وعجز آخر بعده. وهما:
(لا يتأرى لما في القدر يرقبه ... ولا يعض على شر سوفه الصفر)
(لا يغمز الساق من أين ولا وصب ... ولا يزال أمام القوم يقتفر)
والرواية الملفقة التي أثبتها أبو بكر هنا ذكرها أبو عبيد في غريب الحديث: ١ / ٢٦، ثم الزبيدي في التاج (صفر) على أنها رواية أخرى، وبها أنشده أبو بكر في الأضداد: ١٣٠ أيضاً، إلا أنه أنشد البيت على الوجه فيما يستقبل من الزاهر: ٢ / ٧٥، وفي الأضداد ٣٢٤.
(٨٧) غريب الحديث ١ / ٢٥. وفي ل: أبو عبيد.
(٨٨) غريب الحديث ١ / ٢٥. وفي سائر النسخ: ولا هامة ولا صفر.
(٨٩) غريب الحديث ١ / ٢٦.
(٩٠) التوبة ٣٧.
(٩١) ديوانه ٢٠٩. وينظر الأضداد: ٣٢٥، وشرح القصائد السبع: ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>