للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحرها، وطول منازعة فيها. فإذا وصلت الغنيمة بغير قتال، ولا منازعة، فهي باردة، ولم يُكابَد فيها حرُّ الحرب وتوقّدها. ثم استعملت العرب ذلك في كل شيء يصير إلى الإنسان، فيكثر (٣١٥) عنده، ويشتد سروره به، من غير عناء، ولا شدة نصب.

ويقال: الباردة: الثابتة الحاصلة. من قولهم: ما بَرَدَ في يدي منه شيء (٣١٦) ، أي: ما حصل: وقال النبي: (الصومُ في الشتاءِ الغنيمةُ الباردة) (٣١٧) ، فشبّه الصوم في الشتاء بالغنيمة الباردة، إذ كان صاحبه يحرز ثواباً بلا مكابدة مشقة ولا عناء.

ويقال: معنى الحديث: أن الصوم في الشتاء لا يتوقد معه الجوف ويتلهب، كما يتوقد ويتلهب في الصيف لشدة العطش. فشبهه بالغنيمة الباردة، لبرد الجوف فيه وسكونه، وأن العطش لا يشتد على صاحبه.

ويقال في مثل من الأمثال: ولَّ حارَّها مَنْ تولّى قارّها (٣١٨) . يضرب مثلاً للرجل يكون في خير، فلا ينيلك منه شيئاً، ثم ينتقل منه إلى شر. فيقول: ولَّ حارَّها (٢٠٢) من تولى قارَّها، أي: لينفرد بالمكروه، كما انفرد بالمحبوب. فالحارّ هو المكروه، والقارّ هو البارد المحبوب.

٦٩٤ - وقولهم: جاءَ فلانٌ بآبدةِ

(٣١٩)

/ قال أبو بكر: معناه: جاء بكلمة أو خَصْلة وحشة منكرة. ١٩١ / أ

واشتقاق هذا الحرف من " الأوابد "، وهي الوحش، وكذلك: " الأُبّد " (٣٢٠) .


(٣١٥) ك: يكبر.
(٣١٦) سلف القول في ١ / ١٩٨. وشرحه ثمة.
(٣١٧) غريب الحديث ٢ / ١٨٤.
[ف: يجوز (؟) ]
(٣١٨) جمهرة الأمثال ٢ / ٣٣٤، فصل المقال ٣٢٧.
[هكذا هي في الأصل، ولا يستقيم بها الكلام. أحسن منها: فتقول]
(٣١٩) اللسان (أبد) .
(٣٢٠) ك: وكذلك الأوابد من الشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>