للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٧١ - وقولهم: استراحَ مَنْ لا عقلَ له

(١١٤)

قال أبو بكر: فيه قولان:

أحدهما: أن المقصود بهذا هو الأحمق، إذا كان يصرف همه إلى المأكول والمشروب والمنكوح، فإذا استقام له ذلك لم يفكر في عاقبة، فعيشُهُ رغدٌ، وبالُهُ رَخِيٌّ. والعاقل ليس كذلك، لفكره في العواقب، واهتمامه بالحوادث والنوازل.

وشبيه بهذا قولهم: همُّ الدنيا على العاقل.

والقول / الآخر: أن المقصود بهذا هو الصبي الذي لا يفكر في شيء ١٨٠ / ب مستقبل، ولا يهتم إلا بما يأكله أو يشربه أو يلهو به. قال الراعي (١١٥) :

(ألِفَ الهمومُ وِسادَهُ وتجنَّبت ... كسلانَ يُصبحُ في المنامِ ثقيلا)

أي تجنبت هذا الأحمق، الذي لا يزعجه ما يزعج العاقل، فيحول بينه وبين النوم.

وقال امرؤ القيس (١١٦) :

(ألا انعمْ صباحاً أيُّها الطللُ البالي ... وهل يَنْعَمَنْ مَنْ كانَ في العُصُر الخالي) (١٦٧)

(وهل ينعمن إلاّ سعيدٌ مُخَلَّدٌ ... قليلُ الهمومِ ما يَبِيتُ بأَوْجالِ)

أراد: بالسعيد المخلد: الحمق. ويقال: أراد به الصبي الذي يلبس الخُلْدَة والخلدة: القرط والسوار. قال الله تبارك وتعالى: {يطوف عليهم وِلدانٌ مخلَّدون} (١١٧) . قال بعض المفسرين (١١٨) : المخلدون: المُسوَّرون، وقال آخرون: هم المقرَّطون، قال الشاعر:

(ومُخلَّداتٍ باللُجَيْنِ كأنّما ... أعجازُهُنَّ أقاوزُ الكُثبانِ) (١١٩)


(١١٤) الفاخر ٥١، جمهرة المثال ١ / ١٤٧.
(١١٥) شعره: ١٣٤. وفيه: ضاف الهموم ... ريان.
(١١٦) ديوانه ٢٧ وفيه: ألا عم، ويعمن في الموضعين. ووعم يعم في معنى نعم ينعم.
(١١٧) الواقعة ١٧.
(١١٨) ينظر: زاد المسير ٨ / ١٣٥.
(١١٩) بلا عزو في تفسير غريب القرآن ٤٤٧. وقد سلف ٢ / ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>