للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فقد حرتُ في النقصِ الغداة وقد بدا ... لكم كبري وابيضَّ مني المفارقُ)

وقال الآخر (٧٥) :

(إنْ كنتِ عاذلتي فسيري ... نحوَ العراقِ ولا تحوري)

أي: ولا ترجعي.

وقال آخرون: اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكون، معناه: اللهم إنا نعوذ بك من الرجوع والخروج عن الجماعة، بعد الكون على الاستقامة. (١٢ / أ)

قالوا: فحذفت (على) ، لدلالة المعنى عليها، كما / كما قال جل ثناؤه: {فمَنْ شاءَ فلْيؤمِنْ ومَنْ شاءَ فليكفرْ} (٧٦) ، معناه: فمن شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر، على معنى التوعد والتخويف. وزعموا أن العرب تضمر الشيء إذا كان في الكلام دليل عليه. من ذلك قول الشاعر (٧٧) :

(تراه كأنَّ الله يجدعُ أَنفَهُ ... وعَينيْهِ إنْ مولاه أمسى له وَفْرُ)

أراد: كأن الله يجدع أنفه ويفقأ عينيه، فحذف الفعل لدلالة المعنى عليه. (١٢٠) والحور عند العرب البياض. ومن ذلك قولهم: خبز حوارى: إذا كان أبيض. والعين الحوراء، فيه ثلاثة أقوال: قال أبو عبيد: الحوراء الشديدة بياض بياض العين في شدة سواد سواد العين.

قال أبو عمرو الشيباني الظبية الحوراء: السوداء العين التي ليس فيها بياض، قال: ولا يكون هذا في الإنس، إنما يكون في الوحش.

وكذلك قال سعيد بن جبير (٧٨) في قول الله عز وجل: {حورٌ عِينٌ} (٧٩) حور السود الأعين.


(٧٥) المنخل اليشكري، الأصمعيات ٥٨، شرح ديوان الحماسة (م) ٥٢٣. وينظر شرح القصائد السبع: ٤٣٦.
(٧٦) الكهف ٢٩.
(٧٧) خالد بن الطيفان في الحيوان ٦ / ٤٠، والمؤتلف والمختلف ٢٢١. والزبرقان بن بدر في أبواب مختارة من كتاب يعقوب بن إسحاق الأصبهاني ١٥. وينظر شرح القصائد السبع: ١٤٨.
(٧٨) ينظر تفسير الطبري ٢٧ / ١٢٦. وسعيد بن جبير تابعي ثقة، توفي سنة ٩٥ هـ. (طبقات ابن سعد ٦ / ٢٥٦، الجرح والتعديل ٢ / ١ / ٩، معرفة القراء الكبار ٥٦) .
(٧٩) الواقعة ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>