للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفراء (٢٣) : ويجوز أن يكون المعنى: في أيكم المفتون، فتكون الباء بمعنى في. ويجوز أن تكون الباء زائدة للتوكيد. والمعنى: أيكم المفتون.

قال أبو بكر: وقال لي إدريس (٢٤) : سألت سَلَمَة فقلت: أتجيز: بأَيُّكم المفتون، برفع أي؟. فقال: أجيزه. واحتج بقول الشاعر (٢٥) :

(أباهلَ لو أنَّ الرجالَ تبايعوا ... على أيُّنا شرٌّ قَبيلاً وألأَمُ)

قال أبو بكر: معنى الرفع عندي أنه أضمر النظر، ورفع أياً بما (٢٦) بعدها. كأن المعنى: فستبصر ويبصرون بأن تنظروا أيّكم المفتون.

وكذلك معنى البيت: على أن تنظروا أينا، والنظر لا يعمل في أي، لأنه من دلائل الاستفهام.

[قال أبو بكر: إنما لم يعمل النظر والافعال التي بمنزلته في " أي " لأن أياً حرف استفهام مخالطة للألف وما بعد الألف، والاستفهام لا يعمل ما قبله فيما بعده.

من ذلك قوله عز وجل: {لنعلم أيُّ الحزبَيْنِ} (٢٧) رفع " أيّاً " لأن المعنى: لنعلم أهذا أحصى أم هذا، فكانت " أي " بمنزلة ألف الاستفهام والاسم الذي بعده، فلم يجز أن يعمل ما قبلها فيها، فرفع بها ما بعدها، فكانت " أيّ " مرفوعة بأحصى، وأحصى بها] (٢٨) .


(٢٣) معاني القرآن ٣ / ١٧٣.
(٢٤) هو إدريس بن عبد الكريم، روى عن سلمة. (الأنباه: ٢ / ٥٦) .
(٢٥) لم أقف عليه. في الأصل: قتيلا.
(٢٦) ل: ما.
(٢٧) الكهف ١٢.
(٢٨) من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>