للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد: وإنْ أتاه فقير. ويقال: معنى قوله عز وجل: {واتخذ اللهُ إبراهيم خليلاً} : فقيراً إليه، ينزل فقره وفاقته به، ولا ينزل ذلك بغيره.

وقال الفراء (١٤٥) : يقال: السبب في هذا، أن إبراهيم، عليه السلام، كان يقري الأضياف، ويطعم الطعام. فأصاب الناس عام جدْب، فوجه إبراهيم عليه السلام إلى خليل له بمصر، تأتيه الميرة من عنده، فوجه إليه غلمانه معهم الإِبل والغرائر. فلما انتهوا إليه، وخبروه برسالة إبراهيم، قال: إن إبراهيم لا يريد هذه لنفسه، وإنما يريده لغيره. فردَّهم أصفاراً. فانصرفوا مهمومين مغمومين، واستحيوا أن يردوا الإِبل والغرائر إلى إبراهيم، عليه السلام، فارغة، فمروا ببطحاء لينة، فملؤوا الغرائر منها، ودخلوا على إبراهيم، فأخبروه بالخبر، وامرأته نائمة، فوقع عليه النوم همّاً وغَمّاً. ثم انتبهت امرأته، فسمعت ضجة الناس على الباب، ينتظرون الطعام، فقالت لهم: ادخلوا وافتحوا الغرائر واختبزوا. ففتحوا الغرائر، فوجدوا أجود دقيق وأحسنه، فاختبزوا. وانتبه إبراهيم فشمّ رائحة الخبز فقال: من أين هذا؟ فقالت [له] امرأته: [هذا] من عند خليلك المصري. فقال: ليس هو من عند خليلي المصري، ولكنه من عند خليلي الله تبارك وتعالى.

والخُلّة، بضم الخاء: المودة، والخُلّة [أيضاً] : الصديق، يقال: فلان خُلّي، أي: صديقي. قال الشاعر (١٤٦) : (١٩٤ / أ ٦٠٦)

(/ ألا أبلغا خُلَّتي جابراً ... بأنّ خَليلَكَ لم يُقْتَلِ)

(تخاطأت النبلُ أحشاءهُ ... وأخّر يومي فلم يَعْجلِ)

والخُلّة أيضاً: ما كان حُلواً من المرعى. والخَلَّة: الحاجة. والخَلّة أيضاً: الخَصلة.


(١٤٥) معاني القرآن ١ / ٢٨٩.
(١٤٦) شرح القصائد السبع: ٥٣٧ بلا عزو والأول في المذكر والمؤنث: ٥٧٢ غير معزو أيضا، وهما في اللسان (خطأ، خلل) لأوفى بن مطر المازني، وهما من أبيات لأوفى هذا في ذيل أمالي القالي: ٩١، والأول فيه: ١ / ١٩٢. وينظر السمط: ٤٦٥، وذيله: ٤٤. [ف: تخطأت.. يوماً] .

<<  <  ج: ص:  >  >>