للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث: (أنّ الجَفاء والقسوَة في الفدّادين. إلاّ مَنْ أعطى في نَجْدَتِها ورِسلِها) (١٥٢) .

فالفدّادون: المكثرون من الإِبل، الذين يملك الواحد منهم المائتين منها. وكانوا أهل خُيلاء وكبر وعجب، واحدهم: فدَّاد. يُروى في الحديث أيضاً: (أن الأرض إذا دفن فيها الرجل، قالت له: ربما مشيت على فدّاداً ذا مالٍ كثيرٍ وخُيلاء) (١٥٣) . والنجدة: كثرة شحوم الإبل ولحومها. فإذا كثر ذلك فيها، كان نجدة لها، تمتنع به من النحر، لأن ربَّها إذا رآها كذلك، ضَنَّ بها، وداخلته النفاسة [فيه] (١٥٤) والإشفاق فلم ينحرها. قال الشاعر (١٥٥) .

(ولا تأخُذ الكومُ الجلادُ رماحَها ... لتوبةَ في صِرِّ الشتاءِ الصَّنابِرِ)

أي: لا يُضَنُّ بها إذا كانت شحومها كالرماح في الدفع عنها. وقال النمر بن (١٧٣) تولب (١٥٦) :

(أيامَ لم تأخذ إليّ رماحَها ... إبلي لجِلَّتِها ولا أبكارِها)

وقال الفرزدق (١٥٧) :

(فمكَّنت سيفي من ذواتِ رماحِها ... غِشَاشاً ولم أَحْفَلْ بكاءَ رِعائِيا)

والرسل: قلة شحومها ولحومها، وهوانها عليه في ذلك (١٥٨) . فكأنه قال: إلاّ مَنْ أعطى في سمنها وهُزالها، وفي صعوبة الإعطاء وهوانه عليه.

(ويقال: الرسل اللبن، أي: إلاّ مَنْ أعطى حقَّ الله منها، في وفور شحومها ولحومها، وكثرة لبنها. ولم يذكر الهزال وقلة اللبن، لأن من أعطى النفيس من ماله، كان أجدر أن يُعطي الحقير، فاكتفى به منه.


(١٥٢) جعله أبو عبيد في غريب الحديث ١ / ٢٠٢. ٢٠٤ حديثين. وفي الفائق ٣ / ٩٣: هلك الفدادون إلا ...
(١٥٤) من ك.
(١٥٥) ليلى الأخيلية. ديوانها ٧٩. والكوم من الإبل: العظيمة السنام. وصنابر الشتاء: شدة برده.
(١٥٦) ديوانه ٦٢ وفيه: أزمان..
(١٥٧) ديوانه ٢ / ٣٥٧. والغشاش: العجلة.
(١٥٨) ك: على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>