للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرني محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو جعفر اليماني قال: حدثنا المدائني قال: كان سالم بن عبد الله (١١٦) يستخفّ أشعب، ويمازحه، ويضحك منه كثيراً، ويحسن إليه. فقال له (١١٧) ذات يوم: أخبرني عن طعمك يا أشعب، فقال: نعم، قلت لصبيان مجتمعين: إن سالماً قد فتح باب صدقة عمر (١١٨) ، فامضوا إليه حتى يطعمكم تمراً، فمضوا. فلما غابوا عن بصري، وقع في نفسي أن الذي قلت لهم حق، فتبعتهم.

وحدثني محمد قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن شجاع قال: حدثنا (٢٢٩) المدائني قال: مر أشعب برجل يعمل زِبيلاً، فقال [له] : أحب أن توسعه، قال: لمَ ذاك؟ قال: لعل الذي يشتريه منك يهدي إلي فيه شيئاً.

وقال بعض الرواة: قيل لأشعب: ما بلغ من طمعك؟ قال: ما تناجى اثنان قط إلا ظننت أنهما يأمران لي بشيء.

وقيل لأشعب: هل رأيت أحداً أطمع منك؟ فقال: نعم، كلبة آل فلان، رأت رجلين (١١٩) يمضغان كندراً، فظنت أنهما يأكلان شيئاً، فتبعتهما فرسخين.

وقال المدائني: تعلق أشعب بأستار الكعبة، وسأل الله أن يخرج الحرص من قلبه. فلما انصرف، مر بمجالس قريش (١٢٠) ، فسألهم، فما أعطاه أحد منهم شيئاً. فرجع إلى أمه فقالت له: يا بني كيف جئتني خائباً. فقال: إني سألت الله أن يخرج الحرص من قلبي. فقالت: ارجع يا بني، فاستقله ذاك. قال أشعب: فرجعت، فتعلقت بأستار الكعبة وقلت: يا رب، كنت سألتك أن تخرج الطمع من قلبي، فأقلني. ثم مررت بمجالس قريش فسألتهم فأعطوني. ووهب لي


(١١٦) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد فقهاء المدينة السبعة، ت ١٠٦ هـ. (حلية الأولياء ٢ / ١٩٣، تهذيب التهذيب ٣ / ٤٣٦) .
(١١٧) (له) ساقطة من ك.
(١١٨) ساقطة من ل.
(١١٩) ك: رجلان.
(١٢٠) ك: القوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>