للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانطلق إليه وقد أمسى وجن عليه الليل، فإذا البيت بيت يزيد بن رُوَيم الشيباني، وهو جد حوشب بن يزيد بن الحارث بن يزيد بن رُوَيم الشيباني، وإذا الشيخ وامرأته بفناء / البيت. فاحتال السليك حتى دخل البيت من ١٩٩ / ب مؤخره، فلم يلبث أنْ راح ابن الشيخ بإبله في الليل، فلما رآه الشيخ غضب وقال: هلا كنت عشيتها ساعة من الليل. فقال ابنه: إنّها أَبَتِ العشاءَ، فقال الشيخ: إنّ العاشيةَ تهيج الآبيةَ، فأرسلها مثلاً. ثم نفض الشيخ ثوبه في (٢٣٣) وجوهها، فرجعت إلى مرتعها، وتبعها الشيخ حتى مالت لأدنى روضة، فرتعت فيها. وقعد الشيخ عندها يتعشى، وقد خنس وجهه في ثوبه من البرد. وتبعه السليك حين رآه انطلق، فلما رآه مغتراً، ضربه من ورائه بالسيف، فأطار رأسه، واطرد الإبل. وقد بقي أصحاب السليك قد ساء ظنهم، وخافوا عليه، فإذا به يطرد الإبل، فأطردوها معه. فقال السليك (١٣٣) في ذلك:

(وعاشِيةٍ رُجٍّ بِطانٍ ذَعَرْتُها ... بثوبِ قتيلٍ وَسْطها يَتَسَيَّفُ) العاشية: الإبل، والرج: الواسعة الأخفاف، ويتسيف: يُضرب بالسيف وكذلك يتسوّط: يُضرب بالسوط، ويتعصّى: يُضرب بالعصا.

(كأن عليه لون بُرْدٍ مُحَبَّرٍ ... إذا ما أتاه صارخ مُتلَهَّفُ) معناه: كأن عليه من الدم لون برد مُحَبّر، والمتلهف: الذي يتلهف عليه، ويحزن على ما وقع به من القتل.

(فبات لها أهلٌ خلاء فِناؤهم ... ومَرَّت لهم طيرٌ فلم يتعيَّفوا)

معناه: لم يزجروا الطير، فيعلموا من جهتها: أيقتل هذا أم يسلم؟

(وياتوا يظنون الظنونَ وصُحبتي ... اذا ما عَلَوا نَشْزاً أَهَلُّوا وأَوْجَفُوا) أهلوا، معناه: رفعوا أصواتهم، والإِهلال: رفع الصوت. وأوجفوا، معناه: استحثوا إبلهم. يقال: قد أوجف الرجل بعيره: إذا استحثه، وقد وجف البعير: وأوجف: إذا أسرع.


(١٣٣) الفاخر ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>