للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول السادة الشافعية:

قال النَّوَوِيّ في «المَجْمُوع»: «قال المصنف -رحمه الله- تعالى [يريد الشيرازي صاحب المُهَذَّب]: (وإن ولدت توأمين بينهما زمان ففيه ثلاثة أوجه: (أحدها) يعتبر النفاس من الولد الأول لأنه دم يعقب الولادة فاعتبرت المدة منه كما لو كان وحده، (والثاني) يعتبر من الثاني لأنه ما دام معها حمل فالدم ليس بنفاس، كالدم الذي تراه قبل الولادة، (والثالث) يعتبر ابتداء المدة من الأول ثم تستأنف المدة من الثاني، لأن كل واحد منهما سبب للمدة، فإذا وجدا اعتبر الابتداء من كل واحد منهما، كما لو وطئ امرأة بشبهة فدخلت في العدة ثم وطئها فإنها تستأنف العدة)» (١).

قول السادة الحنابلة:

قال ابن قُدامة -رحمه الله- في «المُغْنِي»: «إذا ولدت المرأة توأمين، فذكر أصحابنا عن أحمد روايتين فيها: إحداهما، أن النفاس من الأول كله أوله وآخره، قالوا: وهي الصحيحة. وهذا قول مالك، وأبي حنيفة. فعلى هذا متى انقضت مدة النفاس من حين وضعت الأول، لم يكن ما بعده نفاسا؛ لأن ما بعد ولادة الأول دم بعد الولادة فكان نفاسا، كالمنفرد، وآخره منه؛ لأن أوله منه، فكان آخره منه، كالمنفرد. واختلف أصحابنا في الرواية الثانية، فقال الشريف أبو جعفر (٢)، وأبو الخطاب (٣) في «رءوس المسائل» هي أن


(١) «المَجْمُوع» للنَّوَوِيّ (٢/ ٥٥٥).
(٢) هو: أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى بن أحمد، الشريف الهاشمي، إمام الحنابلة ببغداد في عصره، كان ثقة زاهدًا، درس بجامع المنصور، وبجامع المهدي، ولد سنة ٤١١ هـ، وصنف كتبًا منها: «رءوس المسائل»، و «أدب الفقه»، وكان شديدًا على أهل البدع، فحبس فضج الناس، فأطلق، ولما مات دفن إلى جانب قبر الإمام أحمد سنة ٤٧٠ هـ. راجع ترجمته في: «المَقْصد الأرْشَد» (٢/ ١٤٤)، «شَذَرَات الذَّهَب» (٢/ ٣٣٦).
(٣) هو: أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، إمام الحنبلية في عصره، أصله من كلواذي من ضواحي بغداد، ولد سنة ٤٣٢ هـ في بغداد، ووفاته بها سنة ٥١٠ هـ، من كتبه: «التمهيد في أصول الفقه»، و «الانتصار في المسائل الكبار»، و «الهِدَايَة». راجع ترجمته في: «المَقْصد الأرْشَد» (٣/ ٢٠)، «شَذَرَات الذَّهَب» (٢/ ٢٧).

<<  <   >  >>