للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغوي، والذي يشمل حكم الفقيه - وهو فتواه - أو تلك الأحكام التي مردها إلى العرف والعادة والمصلحة، أو حكم الوقائع عند اختلاف الملابسات المحيطة بها. أقول: عند ظهور ذلك، فساعتها يمكن أن يقال لا مُشاحَّة في الاصطلاح، سيما أن هذا الاصطلاح قد استعمله جهابذة العلماء كالشاطبي (١) (٢) وغيره. ويكون توجيه ذلك إذًا ما ذكرنا من قصدِهم بالحكمِ الشرعيِّ مجموعَ الخطابِ والمتعَلَّقَاتِ به.

إننا على يقين أن الحكم بمعناه الأصولي لا يتغير، إذ كيف يتغير خطاب الله (٣) ومن يملك هذا؟ أو لا يكون هذا هو النسخ؟ وهل لأحد أن ينسخ شيئًا مما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ أو


(١) هو: إبراهيم بن موسى بن محمد اللَّخْمِيّ الغُرْناطِيّ الشهير بالشَّاطِبِيّ، من أهل غُرْناطة: العلامة الفذ، الفقيه الأصولي، الحافظ النظَّار، أول من أفرد علم المقاصد بالتأليف. كان من أئمة المالكية. من كتبه: «المُوَافَقَات في أصول الفقه» «المجالس» شرح به كتاب البيوع من صَحِيح البُخَارِيّ، «الاتفاق في علم الاشتقاق» «الاعتصام»، وشرح الألفية سماه «المقاصد الشافية في شرح خلاصة الكَافِية» توفي: سنة ٧٩٠ هـ. راجع ترجمته في: «الأعلام» للزرِكلِيّ (١/ ٧٥)، «مُعْجَم المؤلفين» لرضا كحَالة (١/ ١١٨).
(٢) قال -رحمه الله-: « ... مثل كشف الرأس فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع فهو لذوي المروءات قبيح في البلاد المشرقية وغير قبيح فى البلاد المغربية. فالحكم الشرعي يختلف لاختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحا في العدالة وعند أهل المغرب غير قادح ... واعلم أن ما جرى ذكره هنا من اختلاف الأحكام عند اختلاف العوائد، فليس في الحقيقة باختلاف في أصل الخطاب لأن الشرع موضوع على أنه دائم أبدي لو فرض بقاء الدنيا من غير نهاية، والتكليف كذلك لم يحتج في الشرع إلى مزيد، وإنما معنى الاختلاف أن العوائد إذا اختلفت رجعت كل عادة إلى أصل شرعي يُحْكم به عليها». «المُوَافَقَات» (٢/ ٢٨٤ - ٢٨٦).
(٣) قال العَطَّار -رحمه الله-: «وتغير الحكم محال، لأنه خطاب الله أي كلامه النفسي القديم» «حَاشِيَة العَطَّار على شرح جلال الدين المَحَلِّي» (١/ ١٦١). وهو متين دون قوله: «أي كلامه النفسي القديم»، لأن خطاب الله في القرآن كلامه لفظًا ومعنىً، والحكم يغيره الله بالنسخ.

<<  <   >  >>