للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك فإن الفراش يشترط له عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إمكان الدخول، وعند ابن تَيمِيَّة يشترط الدخول، وهي رواية عن أحمد (١).

تبين من كل ما تقدم أن الفراش دليل على ثبوت النسب إلا إذا امتنع عقلًا أو حسًا، أو دل دليل أقوى على أنه لم يكن السبب الحقيقي في حصول الولد.

٦ - الصواب أن عدم ثبوت النسب للزاني ليس على إطلاقه:

الذي يظهر أن عدم ثبوت النسب للزاني ليس على إطلاقه، فإن الدليل من السنة هو قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «الولد للفِراشِ ولِلْعاهِر الحَجَرُ» (٢).

ولكن فهم بساط الحال وملابسات القصة التي ورد فيها قوله ذاك مهم للتعرف على مراده -صلى الله عليه وسلم- فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض ابن وليدة زمعة وقال عتبة: إنه ابني، فلما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقبل معه عبد بن زمعة فقال سعد بن أبي وقاص: هذا ابن أخي عهد إلي أنه ابنه قال عبد بن زمعة: يا رسول الله، هذا أخي هذا ابن زمعة ولد على فراشه. فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ابن وليدة زمعة فإذا أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: احتَجِبي منه يا سَوْدة لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص. قال ابن شهاب قالت عائشة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الولد للفِراشِ ولِلْعاهِر الحَجَرُ».

والحديث هنا يصف حالة معينة يتنازع فيها نسب مولود، والمتنازعان أحدهما ابن صاحب الفراش والآخر الزاني، وكلاهما يريد الولد، ولا بينة إلا قرينة الشبه.


(١) انظر «الفَتَاوَى الكُبْرَى» لابن تَيمِيَّة (٤/ ٥٨٥)، «الأحوال الشخصية» لأبي زَهْرَة (ص ٣٨٧).
(٢) «صَحِيح البُخَارِيّ» كتاب الصوم، باب تفسير المشبهات (٢/ ٧٢٤)؛ و «صَحِيح مُسْلِم» كتاب النكاح، باب الولد للفراش (٢/ ١٠٨٠).

<<  <   >  >>