للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هنا بغلق الباب أمام فساد عظيم وشر مستطير إذا انتشر مثل هذا التنازع في المجتمع، وتجرأ الزناة بل والمفترون على نسبة الأولاد إليهم من نساءٍ هن فُرشٌ لأزواج.

ولكن إذا كانت المرأة خلية من الزوج، فإن الأقرب للسنة هو نسبة الولد إلى الزاني، وهو قول بعض المالكية والحسن وابن سيرين والنَّخْعِيّ وإسحاق وعُرْوَة وسليمان بن يسار واختيار ابن تَيمِيَّة، كما ذهب إليه الحنفية بشرط الزواج منها (١).

والذي يشهد لهذا القول أدلة منها:

١ - حديث إقراع علي -رضي الله عنه-:

عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: كنت جالسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجاء رجل من اليمن، قال: إن ثلاثةَ نَفَر من أهل اليمن أتوا عليًّا يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد، قال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فغَلَيا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغليا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغَلَيا، فقال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مُقْرِعٌ بينكم، فمن قرَع فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَة، فأقرع بينهم، فجعله لمن قَرَع، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أضراسُه أو نَواجِذُه (٢).

والشاهد أنه لم يسألهم إن كانوا جميعًا وطئوها بشبهة، مع كونه أيضًا احتمالًا بعيدًا جدًّا.


(١) انظر بحث الدكتور سعد الدين هلالي (سبق). أو كتابه الموسوم «البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية» (ص ٣٥٧). وانظر اختيار شيخ الإسلام ابن تَيمِيَّة في «مَجْمُوع الفَتَاوَى» (٣/ ١٧٦).
(٢) «سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد، (٢/ ١٨١). وصححه الألبَانِيّ، انظر «سُنَن أبي دَاوُد» بتحقيق مشهور (رقم ٢٢٦٩).

<<  <   >  >>