للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - حديث إلحاق الولد بشريك بن سحماء:

فعن ابن عباس -رضي الله عنه- «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بشَرِيك بن سَحْماءَ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: البينة أو حدٌّ في ظهرك، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدُنا رجُلًا على امرأته يلتمسُ البينة؟! فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: البينةُ أو حَدٌّ في ظهرك فقال هلال: والذي بعثك بالحق نبيًّا إني لصادق، وليُنزِلنَّ الله في أمري ما يُبَرّئُ ظهري من الحدّ، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦] قرأ حتى بلغ {مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] فانصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إليهما فجاءا، فقام هلال بن أُمية فشهد والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: الله يعلم أن أحدَكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩]، وقالوا لها: إنها مُوجِبة، قال ابن عباس: فتلكأَت وَنَكَصت حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضحُ قومي سائرَ اليوم، فمضتْ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَبْصِروها فإنْ جاءتْ به أكْحَلَ العينين سابغ الألْيَتَيْن خَدَلَّجَ الساقين فهو لشَرِيكِ بن سَحْماَء فجاءت به كذلك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لَوْلا مَا مَضَى من كِتَابِ اللهِ لَكَانَ لي ولهَا شَأنٌ» (١).

والشاهد هنا هو إلحاق النبي -صلى الله عليه وسلم- الولد بشريك بن سحماء بالشبه، رَغم أن المرأة فراش لزوج، ولكن الزوج لاعنها ونفى الولد، فكان ذلك مع الشبه يورث الاطمئنان إلى أن الولد ابن شريك.

وهذا الحديث قد يستدل به على أنه لا يلحق بالزاني ابنه من الخلية من الزوج فقط بل أيضًا ابنه من المتزوجة إن نفى زوجها الولد، ولكن المعارض قد يقول أن في ذلك


(١) «سُنَن أبي دَاوُد» كتاب الطلاق، باب في اللعان، (٢/ ٢٧٦). وصححه الألبَانِيّ، انظر «سُنَن أبي دَاوُد - بتحقيق مشهور» (رقم ٢٢٥٤).

<<  <   >  >>