للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذبته البصمة لم يثبت. وقد يعارض بأن الشارع متشوف لإثبات النسب والمستلحق له حق الاستلحاق ما كانت أبوته للولد ممكنة. ولكن يبقى أنه إن لم يكن الأب الحقيقي فإنه يدخل على قومه من ليس منهم ويكون هذا المُقَر له (١) محرمًا لزوجه وبناته وليس بينهم علاقة. وقد يسبق رجل أو امرأة إلى استلحاق طفل مجهول النسب كما في الحروب وغيرها من الكوارث، فيثبت بذلك النسب، ويحرم الوالد الحقيقي الذي تأخر في الدعوى من حقه في ولده (٢).

٣ - الولد يستلحقه إنسان ثم يبلغ ويظهر له أنه ليس أباه وأن أباه غيره:

فقد يكون له أن يطلب الاستيثاق بالبصمة الوراثية. وذلك أن هذا الولد الذي بلغ وظهر له أنه نسب إلى غير أبيه بين مفسدتين: الأولى نقض نسب قد ثبت بطريقة شرعية، الثانية أن يدعي إلى غير أبيه وهو يعلم ذلك. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيهِ أَو انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أجمَعِين لا يَقْبَلُ اللهُ مِنهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا ولا عَدْلًا» (٣).

فإن كان ظنه غالبًا أنه ليس ابن ذاك الرجل الذي استلحقه، فله أن يطالب بتصحيح النسب (سبق أن بينا أن هذا إذا لم يكن النسب قد ثبت بالفراش، فإن النسب الثابت بالفراش لا يحل الطعن فيه من قبل الولد ولا أحد سوى صاحب الفراش).


(١) الولد المستلحَق الذي أقر له المستلحِق بالأبوة.
(٢) وإلى هذا ذهب الدكتور علي القره داغي فيمن استلحق لقيطًا ثم ظهر أهله. انظر «فقه القضايا الطبية المعاصرة» للقره داغي والمحمدي (ص ٣٥٤).
(٣) «صَحِيح مُسْلِم» كتاب العتق، باب تحريم تولي العتيق غير مواليه (٢/ ١١٤٦ رقم ١٥٠٨). قوله (صرفا ولا عدلا) الصرف التوبة وقيل النافلة والعدل الفدية وقيل الفريضة «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ١٨٩).

<<  <   >  >>