للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينوب عنها تبلبلت السنة المؤلفين والمعلمين، وكثرت المجادلات والردود في الجرائد والمجلات، وكل يدافع عن مصطلحاته العلمية وبذلك أصبح للمسمى الواحد عدة أسماء كما حدث مثلاً لكلمتي ووقد اقتبس لهما أحمد نعيم في كتابه علم النفس لجورج غريو الذي نقله إلى التركية كلمتي انفسي وأفاقي من اصطلاحات الصوفية وعثر على كثير من مصطلحات المنطق والكلام، ومجامع اللغة العربية في المستقبل زعيمة بإزالة هذه البلبلة اللغوية التي هي عقبة من عقبات الثقافة والتعليم.

أما كون التصوف فلسفة أدبية آلهية تمتاز على كتب الأخلاق النظرية عندنا بوصفها وتشخيصها لأمراض النفس وتخصيصها للأدوية الناجعة وطرائق معالجتها التجريبية، فمن الدلائل عليه ما بأيدينا من كتب التصوف والإسلام، عن طب القلوب فقال ما نصه: وهذا النوع من الطب واجب تعلمه على كل ذي لب، إذ لا يخلو قلب من القلوب عن أسقام لو أهملت تراكمت وترادفت العلل وتظاهرت، فيحتاج العبد إلى تأنق في معرفة عللها وأسبابها، ثم إلى تشمير في علاجها وإصلاحها، فمعالجتها هو المراد بقوله تعالى: قد أفلح من زكاها، وإهمالها هو المراد بقوله: وقد خاب من دساها، ونحن نشير في هذا الكتاب إلى جمل من أمراض القلوب وكيفية القول في معالجتها. اهـ وفي كلام هذا الإمام العارف ما يشير إلى أن علم طب القلوب يرجع بأصوله إلى الكتاب والسنة، ومن الدلائل أيضاً على فلسفة التصوف الخلقية تعاريف شيوخ الصوفية وأركان بنيانه كالجنيد البغدادي سيد هذه الطائفة وهو الذي أجاب من سأله عن التصوف بقوله: الخروج من كل خلق ردي، والدخول في كل خلق سني، وقال لأبي حفص:

لقد أدبت أصحابك أدب السلاطين وقال عبد الله بن المبارك: نحن إلى قليل من الأب أحوج منا إلى كثير من العلم وقال ذو النون المصري: إذا خرج المريد عن طلب الأدب فأنه يرجع من حيث جاء وقال الكتاني: التصوف هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف وقال العارف الهوروي في منازل السائرين: واجتمعت كلمة الناطقين في هذا العلم أن التصوف هو الخلق، وإذا كانت الغاية من البعثة المحمدية تتميم مكارم الأخلاق، وتتميمها هو غاية علم التصوف التي لا تتحقق إلا بالمراقبة والمحاسبة، فالتصوف على ذلك هو روح الإسلام، والرسول هو الصوفي الأعظم، وهذا هو الأستاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>