- إذاً فعائلة حميد بك تقضي هذا الصيف في المريجات لا في بلودان كما في العام الماضي. قال ذلك علي بك الشاب المتأنق لصديقه حسن أفندي بينما كانت السيارة التي تقلها من دمشق إلى صوفر تطوي المراحل الأخيرة من سهول البقاع ومروجه وقد أوشكت شمس العصر أن تتوارى وراء هضاب لبنان الخضراء الموشاة بما انتثر على قممها وفي أطرافها من تلك الدور البيضاء ذوات التيجان الحمر. والتفت حسن أفندي إلى رفيقه الذي يحاوره فقال: نعم ولقد وجدت ابن عمك الذي قضى بضعة أيام من هذا الشهر في المريجات كثير الإعجاب بجمال شهيرة ابنة حميد بك بسفور ابنة حميد بك فقد وفق لأن يراها ويتحدث إليها. قال علي بك إني لا أعرف كيف يرضى حميد بك بسفور ابنته كأنما لم يتصل به بعد ماتردده الناس من الأحاديث عنها وعن تفرنجها، فهي لا تحجم كما سمعت عن التحدث إلى كثير من الشبان ومعاشرتهم ويقولون أيضاً إنها لا تتأخر عن شرب قدح من الشمبانيا إذا دعيت إلى ذلك ويقولون أيضاً أفظع من هذا. . ثم توقف عن الجري في حديثه كمن يود أن لا ينقل ما سمعه من أخبار السوء فقال حسن أفندي لا تصدق كل ما يقولون فأنت تعرف أن الناس عندنا يبالغون في النيل من كل فتاة خالفت شيئاً من التقاليد القديمة ولقد آن لنا أن ننصرف عن معاكسة سنن التطور فنترك لهؤلاء الفتيات المتعلمات في العصر العشرين عصر المدينة والنور شيئاً من الحرية في انتخاب أزواجهن لا أن نحسبهن في البيوت حتى نبيعهن بيع السلع كما كان يفعل أجدادنا من قبل. قال علي بك دعني من هذه الفلسفة العمياء التي لا أعرف شيئاً أضرَّ بنا منها فإذا كانت نتيجة تعليم الفتيات أن يصرن إلى ماصارت إليه شهيرة هذه من حرية وسفور وفرنجة فأنا أفضل أن يبقين جاهلات. شهيرة هذه من من حرية وسفور وفرنجة فأنا أفضل أن يبقين جاهلات. وإن كانت نهضتها لا تأتينا إلا عن هذا الطريق كما يزعم الكثيرون فأنا أفضل أن نبقى حيث نحن فلا نتقدم خطوة واحدة. فتنحنح حسن أفندي في مجلسه من السيارة وقال لرفيقه ضاحكا: يخيل لي أن في نفسك على شهيرة شيئاً من الحقد والموجدة، فأنت تبالغ كثيراً في نقل ما تذكر أنك سمعته من الناس عنها فهل وقع لك معها من الحوادث ما دعاك إلى ذلك؟ ورأى علائم الغضب تبدو على وجه صديقه فأخذ بيده واستمر في حديثه دون أن ينتظر جواب سؤاً له وقال: أما أنا فقد رأيتها مع الكثيرات من رفيقاتها في الصيف الماضي في