بك وجميل صليبا وكاظم الداغستاني وكامل عياد - دمشق في ٥ أيار ١٩٣٣ - ١١ المحرم ١٣٥٢
[المدنية والثقافة والإصلاح]
للفيلسوف الدكتور رضا توفيق
تعريب جميل صليبا
لقد خالج نفسي منذ زمان طويل أمر حيوي هو من الخطورة بمكان، حتى لم يعد في وسعي مخالفة ميلي إلى البحث فيه وإبداء رأي شخصي في أحسن أساليب النظر إليه بصورة موافقة لمصلحتنا.
وهذا الأمر الحيوي الذي ما برح ضرورياً هو أمر الإصلاح. ولقد كان من حظي أن سمحت لي هذه المجلة (مجلة الثقافة) بالفرصة المناسبة وأوحى إلي أسمها بالإلهام الضروري لإبداء رأيي للقراء الكرام بحرية. وها أنا ذا أبدأ بذكر جملة من الحوادث التي تضطر الأمم الشرقية كلها إلى شيء من الإصلاح الأساسي.
إن التقدم العجيب الذي استطاعت أمم الغرب المتمدنة أن تدركه منذ عصر تقريبا في جميع مناحي الحياة العلمية، هو فتح من الفتوح التي لا عهد لتاريخ الحضارة بها، ولا عرفتها عبقرية البشر قبل أن تطبق الاختراعات الهامة على الصناعة تطبيقاً مفيداً.
ولقد اتسعت العلائق التجارية على وجه الأرض حتى وصلت إلى أقصى المناطق المجهولة، فاستحكمت أواصر التعاضد الدولي بصورة لا تقبل الانفكاك وتولدت من ذلك مصالح مشتركة بين الأمم. حتى لقد صارت معرفتنا بها أوضح مما هي عليه وتفهمنا لها أدل على طبيعتها. ولو لم يكن من هذه المصالح المشتركة إلا توقف السلام العالمي على اتساقها والحرب على اختلالها لكفى بذلك دليلاً على أهميتها.
وكان من نتيجة تزايد هذه العلاقات واشتباكها أن، تلاقى الشرق بالغرب واصطدمت حضارة كل منهما بحضارة الآخر، فأدى ذلك إلى وهن الحضارة الشرقية، وقد كان لها مع ذلك جمال خاص وقيمة سامية.
ثم ولدت هذه الصدمة العظيمة في روح الشرق الساكن هزة عنيفة اقتنع الشرقيون على أثرها أنه لا محيد لهم عن إصلاح أساسي عام يتناول جميع الأوضاع الاجتماعية فأما أن