للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاصطفاء الطبيعي]

وبقاء الأنسب

فصل من رواية حياة سيارة لإيليا ارينبورغ

يعيش (بوهان بريغر) في (لايبزيغ) مدينة التجارة. هنالك تطبع الكتب الدراسية للكيمائيين الناشئين. وهناك تباع مواد التدخين الفاخرة. وهنالك تعقد مؤتمرات العاطلين عن العمل. فمن الطبيعي أن لا يكون عدد السيارات فيها قليلاً.

ليس ليوهان (بريغر) سيارة. ولكن السيد (شتوس) يملك سيارة بديعة من جنس (مرسيدس). فأنه صاحب مطبعة لا مثيل لها. يطبع وريقات في منتهى الذوق الفني تلصق على زجاجات الخمور والعطور وعلب (السيكارات) الثمينة. أنها أحسن مطبعة في ألمانيا لطبع هذه الوريقات. ولذلك فمن حق السيد (شتوس) أن يملك سيارة بديعة من جنس (مرسيدس). وله الحق أيضاً أن (يزمر) بكل فخر في منعطفات الطرق. وكرجل رياضي فهو يسوق سيارت بنفسه في أكثر الأحيان.

يسكن السيد (شتوس) خارج المدينة ويجوب بسرعة مائة كيلو متر في الساعة. أنه يحب السرعة في كل شيء. ففي مطبعته أحدث الآلات وأحسنها وأسرعها، متى يدخل المطبعة تنحني الآلات طائعة مستعدة للخدمة. وآلات القطع تنحدر فيستطيع السيد (شتوس) أن يطبع في النهار أكثر من (٨٠٠٠٠٠) وريقة.

وريقات صورت عليها راقصات إسبانيات بمراوحهن أو رسمت عليها مثلثات ملونة وفيها مديح لعطر (آدونيس) أو خمر (بوردو).

يعرف السيد (شتوس) قيمة الإعلانات الحديثة وتأثير الألوان الحقيقية. ثم أنه أحد الذين يعملون على أنهاض ألمانيا من جديد. ولا يبزيغ، مدينة التجارة، فخورة بالسيد (شتوس) عن حق.

ولكن في (لايبزيغ) المعتبرة أيضاً تعثر عين المصحح المجرب على أغلاط مطبعية.

بماذا يشتغل مثلاً (يوهان بريغر) هذا؟ هل بالضرورة من العاملين لأحياء ألمانيا وبعثها من جديد.

أنه لا يصنع طيارات (زبلين) ولا يستحصل أصبغة (الآنيلين) بل أنه لا يبيع حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>