إنّ مدينة دمشق من أقدم المدن ذكرت التوراة فيها اسم اليعازر الدمشقي خادم إبراهيم الخليل الذي مرّ بها عندما جاء من أور الكلدانيين إلى أرض كنعان وجرت لإبراهيم حوادث أخرى مع كدر لاعومر ملك عيلام ومحالفيه وذلك في تضايف القرن الثالث والعشرين قبل ميلاد المسيح. وورد ذكر دمشق في كتابات تل العمارنة وهيكل الكرنك في القطر المصري وعلى مسلة كنيسة اللأتران في مدينة رومية بالكتابات القديمة المصرية والمسمارية. وفي غيرها من الآثار باسم تمشكو بمعنى المثمرة وسميت بأسماء أخرى كثيرة تفيد مثل هذه المعاني إشارة إلى غوطتها الفيحاء إحدى متنزهات الدنيا الأربعة ولاسيما اسم (جلَّق) الفارسي بمعنى (ألف زهرة). وقد عنيت بوضع تاريخ لدمشق بعنوان (حضارة دمشق وآثارها). وهو في مجلّد كبير لا يزال مخطوطاً في خزانتي بمدينة زحلة وأنا في بيروت فاقتصر على ذكر لمعة مما يحضرني منه على دمشق وكتاباتها بمناسبة مطالعتي لمقالة المستشرق الأستاذ (جان سوفاجه) المنشورة في الجزء الثاني من مجلة الثقافة الغراء والصفحة ١٢٥ من كتابه الافرنسي (المباني التاريخية في دمشق) الذي وصف في ذلك الجزء أيضاً.
مباني دمشق القديمة والحديثة
ليس هنا محل الإفاضة في أبنية دمشق وهي كلها القديمة وكتاباتها اليونانية والرومانية والعبرانية وغيرها ولا في؟ أبنية العرب فيها ولا كتاباتهم وآثارهم ولكنني أقتصر على لمعة من ذلك من (تاريخي المذكور آنفاً) فأقول:
منذ بضع وثلاثين سنة كنت أتردد إلى دمشق معجباً بآثارها مستقرياً لتاريخها ناقلاً بعض كتبها القديمة من عربية وأجنبية واصفاً ما وقفت عليه من آثارها وأبنيتها.
فكنت أطوف في أنحاء مدينة دمشق مع بعض زملائي أو لا ثم انفردت وحدي في تفقد الآثار القديمة والأبنية والكتابات ونقل ما يجب نقله عنها وتصوير بغضها إلى أن اجتمع