ينقسم كتابنا اليوم إلى ثلاث طبقات قدماء ومجددون وسوقيون.
فالقدماء هم الذين درسوا الأدب القديم واقتصروا عليه والمجددون هم الذين درسوا مع الأدب القديم أدب لغة من اللغات الحية. أما السوقيون فهم الذين لم يدرسوا فنون الأدب العربي درساً قانونياً بل اقتبسوا من مطالعة الصحف والمجلات مادة ضعيفة نزرة هي كل رأس ما لهم الأدبي. ويمتاز رجال الطبقة الأولى بألفاظهم المنتقاة ومعانيهم الضئيلة. ويمتاز رجال الطبقة الثانية بمعانيهم الرفيعة وأساليبهم الرائعة. أما رجال الطبقة الثالثة فيمتازون بكل شيء سخيف.
الدعوة إلى القديم
في المدينة اليوم دعوة ترمي إلى الرجوع للقديم ونبذ كل البدع العصرية في المأكل والملبس وفي التعليم والسلوك. يقول أهل هذه الدعوة للناس: صلوا صلواتكم الخمس جماعة. وارجعوا إلى السنة في ملبسكم وافعلوا الخير واتركوا الشر ثم أهملوا كل ماعدا ذلك. وهذه الأمور سهلة يستطيع كل إنسان أن يقوم بها. ولكن هل تكفي هذه الأمور في عصر كعصرنا وفي أحوال كأحوالنا المعروفة؟ إن الانصراف الأمة إلى العبادة وحدها في مثل هذه الأيام أمر لا يقبله ولا يرضى به مخلص فإذا كان رجال تلك الدعوة مخلصين حقاً فإنهم ولا شك بسطاء يريدون إن يقودوا الأمة إلى الموت من حيث لا يشعرون، وكثيراً ما كان الإخلاص وحده جالباً لأكثر الأخطار وأعظم الشرور. اللهم نجنا من شر كل إخلاص لا يصاحبه علم وخبرة ومعرفة بتصاريف الدهر وأحوال الحياة.
ببركة غلاظتهم
كانت العامة - ولا تزال - تعتقد أن الصراع ينشأ من فعل الجن والشياطين ويقولون عمن يصابون به قدركبه الشيطانوقد اتفق أن رجلاً أصيب بذلك الداء ففزع أهله إلى شيخ من الشيوخ وطلبوا منه أن يداوي ابنهم بعزائمه وتعاويذه فجاء سيدنا الشيخ، وجلس فوق رأس الصريع وأخذ يتلو عزيمة استهلها بكلمةياومط هذه الكلمة مطاً استغرق نهاراً كاملاً، فلما