في أيام الدراسة بجامعة برلين كنت أنا وصديق إيراني نجلس في درس اللغة اللاتينية إلى جانب فتاة ألمانية لا نلتقي بها إلا و (راحة) التنيس معها. وقد كانت
في مظهرها مثال المرأة المغربة بالرياضة البدنية: لها جسم قوي مفتول العضلات ووجه أحمر يطفح نشاطا ترتدي لباسا في غاية البساطة رغم غناها. وكنا كلما سألناها إلى أين هي ذاهبة بعد الدرس أجابتنا: إلى ملعب التنيس أو إلى البحيرات في ضواحي برلين للسباحة أو التجذيف.
ليس من الغريب انهمال هذه الفتاة في الرياضة البدنية فان كل الشعب الألماني
وفي مقدمته النساء قد جعل للرياضة المقام الأول في حياته ويكاد الناظر يعتقد أن ألمانيا كلها قد أصبحت ملعبا كبيرا يتبارى فيه الجميع في سبيل القوة والجمال.
ولكن الأمر المهم الذي يستحق التفكير هو تأثير الرياضة ليس في الصحة العامة والجمال فقط في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والأخلاقية والنفسية والفكرية أيضا. فان الحياة الرياضة الطلقة قد حررت أفرادها هذا الشعب من القيود البالية ونفخت فيه روحا جديدة اقرب إلى الطبيعة.
وقد صرحت لنا هذه الفتاة في احد الأيام، لما انتقل بنا الحديث إلى العلاقات بين الرجل والمرأة، انه أخذها العجب منا نحن الطالبين الشرقيين اللذين تسيطر علينا التقاليد القديمة، البعيدة عن الفطرة ولا تزال نعيش في الخيالات والأوهام الشعرية. وقالت: يجب أن تسود الصراحة والبساطة في علاقات الجنسين ولا يجوز
إن يضيع الناس في هذا العصر أوقاتهم في الأحلام والعواطف.
وبينما الجمهور في ألمانيا وغيرها من البلاد الغربية أصبح لا يؤمن إلا بهذه العقيدة التي قلبت العلاقة الجنسية نرى أصوات بعض المفكرين من الأدباء ترتفع بانتقاد التطرف والغلو في هذه السبيل التي أوشكت أن تنتهي إلى الإباحة والمادية.
وقد كثرت في السنيين الأخيرة المباحث حول موضوع المرأة وعلاقتها بالرجل ونريد هنا تلخيص كتاب جديد انتشر في ألمانيا يشرح فيه ستة عشر أديبا من ابرز الكتاب الألمان