المسرح القديم في دمشق المسمى (تياترو) وقد اتبعته في هذا
الجزء من الثقافة بصورة المقصف الجديد في دمشق المسمى (بار).
ولعل بين الصورتين القديمة والجديدة من الفوارق ما يدعو لاهتمام
المولعين بهذا النوع من وصف الواقع.
سأحدثك عن المسرح وعن الغناء والرقص وتمثيل أدوار الحب فيه، وأريد بكلمة المسرح ذلك المسرح المعروف في دمشق وأكثر مدن سورية الذي تستطيع مئات السنين أن تغير من أوضاعه القديمة شيئاً مذكوراً، ولعلني أكفيك في حديثي هذا، مؤونة ليال كثيرة تصرفها في مثل هذه الأماكن إذا أردت أن تقف على ما أريد أن أطلعك عليه من شؤونها.
تغني الناس على الغالب، في هذا المسرح: امرأة يدعونها رئيسة الجوقة، يرافقها ثلاث نساء أو أربع يجلسن إلى جانبها بترتيب يجري على ما يقدره لهن صاحب المسرح من جمال أو براعة في الرقص والغناء، ويجلس إلى جانبها الآخر، جوقة موسيقية من الرجال تعينها في غنائها وتوقع الراقصات حينما ينتهي دور الغناء فيقمن للرقص الواحدة تلو الأخرى ويجلس المتفرجون من مختلف الطبقات أمام المسرح جماعات وأفراداً لا ترتيب في صفوفهم ولا انتظام في مواقع جلوسهم. ويأوي البعض منهم في المسارح القائمة في غير الحدائق،
إلى مقاصير (ألواح) خاصة تشرف على المسرح، وكثيراً ما يختار العشاق هذه (الألواح) لجلوسهم لأنها أوقع في نفوس نساء المسرح وأحكم في لفت أنظارهن، ويحظر على نساء المسرح حظراً شديداً في دمشق أن يجلسن إلى الرجال من (المتفرجين) أو يحدثنهم، وكثيراً ما تشدد دائرة الأمن في هذا الحظر، حتى أنها تعاقب المرأة التي تجرؤ وهي صاعدة إلى المسرح أو نازلة منه على محادثة أحد المتفرجين، أو الوقوف معه ولو قليلاً، بأن تمنعها عن عملها أياماً تحرم فيها من أجرها، ولكنها لا تمنعها مهما اشتد أمر المنع، أن تبعث