اليونانية (البنى ساميوس) تصف فيه حياة المهاتما غندي
المقدسة بأسلوب شعري جميل
لا أزال أذكر وجه أمي الكئيب المطرق فوق سريري. فقد كان على جبهتها دائرة تلمع كأنها كوكب خافق في الظلام الحالك. وكان من عادتها أن تنهض من النوم قبل الفجر، وقبل أن يستيقظ أحد من الناس. فتقف كسائر النساء الهنديات، صامتة واجمة مفكرة، مدة نصف ساعة، كأنها تخشى أن تعكر سكون الصبح.
وكانت مولعة بزينتها فإذا انتهت من ذلك عانقتنا وطلبت من كل واحد منا أن يردد في نفسه.
إنني حر، إنني شجاع، إن لساني لا ينطق بغير الحقيقة
لم تكن سني تتجاوز الرابعة يوم كنت أقول: لا أريد أن أضر أحداً، أريد أن أتعود فعل الخير.
لقد علموا والدتي يوم كانت صغيرة كثيراً من الأشياء التي يعلمونها اليوم لأخواتنا. لقد علموها أن تمشي رويداً فإذا مشت كتفت وخطرت في مشيتها بلطف كما تخطر اليمامة، ولا أذكر أنني سمعت خطواتها أبداً.
لم تفارق الابتسامة شفتي والدتي أبداً، فكانت كثيرة الصبر، لا تعرف التعب وما كنا نسمعها تفتح أو تغلق باباً، ولولا صلصلة الحلي فوق ثوبها الفضفاض لما كان أحد يشعر بمرورها أبداً.
كان النساء يلتقين كل يوم في الساعة الثالثة بعد الظهر في صحن المعبد الكبير. فإذا انتضد عقدهن في ظلال الشجر تحدثن عن كل ما جرى معهن في النهار، ثم أغرقن في الضحك والثرثرة، ولا يعدن إلى سكونهن وتأملهن إلا بعد سماع جرس الكاهن، وإذا قرع الجرس قرأ الكاهن بصوته الحزين بعض ملاحمنا المعروفة، ثم تبعه الناس مرددين ما يقول بصوت غضٍ خفي لأنهم كانوا يحفظون تلك الملاحم غيباً.