حاول كثير ممن تكلف الكتابة في النقد أن يثبت أن هناك فناً يجب أن يدعى فن النقد، فبذلوا ف ذلك كثيراً من الوقت في البحث والتنقيب عما يظفرهم بضالتهم وينتهي بهم إلى طلبتهم فعادوا وملء أيديهم الإخفاق واردانهم الخيبة: غير أنهم أبو إلا أن يضعوا في ذلك تآليف أرادوا بها حمل الناس على الاعتقاد بأنها كتب في النقد وليست هي في الواقع إلا أبحاثاً في شؤون مختلفة شاؤا أن يطلقوا عليها فن النقد. على أن من تتبع ما قاله العرب - ونحن إنما نتكلم عن النقد في لغة العرب - في لفظة النقد والانتقاد يعلم أن ليس من ضرورة لأن يكون بين العلوم ومستحدث الفنون علم أو فن يسمى فن النقد أو علمه إذ أ، هذه اللفظة قلما تستعمل غير مضافة إلى لفظة أخرى كقولك: نقد الشعر ونق الأدب ونقد اللغة وغير ذلك ما ق يعرض لمعانيه الخطأ فيه والنقص ببعض شؤونه والتقصير في جهة من جهاته فيبدو لبعض الناس خلله دون بعض ويتجلى مكان الضعف فيه لنفر دون آخرين، فليس يستطيع أن يتعرض لنقد شيء أياً كان إلا ما هو فيه حاذق بتفاصيله وجمله
وقد كان للأمة العربةي في النقد عناية كبيرة وحفاوة واهتمام لا تزيد عليها فيه أمة من الأمم. يدلنا على ذلك كثرة ما اسحدثته لها المعنى من الألفاظ المرادفة لكمة النقد. وإن كان لقائل أن يقول أن كثرة الكلمات الدالة على النقد في العربية ليست حتما أن تكون دليلاً على هذه العناية وتلك الحفاوة لأن العرب من خصائص لغتهم كثرة الترادف فقد وقفوا للمعنى الواحد من الأفعال والأسماء والحروف ما تضيق عن بعضه أد اللغات سعة وأكثرها عدد كلم، غير أن كثرة المترادف لمعنى النقد ليست مستندنا وحده بل هناك أدلة جمة تدل دلالة نيرة على أن النقد كان فطريا في العرب لما جبلوا عليه من قوة الطباع وسلامة الفطر وتوقد الخواطر وشدة الإلهام يعلم هذا ويروح منه على أشد من اليقين من كثر اختلافه إلى كتب أدب العرب وطال عهده بممارستها مع نفوذ بصر وصفاء بصيرة فأصبح وليس بالمتعذر عليه أن يجيء من الأدلة والبراهين بما لا يسع مكابراً أو منكراً ن يقوم له أو يثبت أمامه خلافاً لما اعتمده وقلد به بعض المتكلين في الأدب ول رو بذلك لأن السبب فيه