لا تثريب عليّ إذا قلت أن شعراء الفرنجة تطلعوا إلى جمال المرأة بأعين عميقة الأغوار دقيقة الأنظار وأنهم نادموا الحسن والملاحة بلغات فنية وساجلوا الغيد إلا ما ليد مساجلة الأطيار للأطيار. وكادت تكون رقة شعورهم في المناجاة استغراقاً في التأمل أو غلواً في العبادة.
وشعراء الغرب لهم عهد عتيق بالجمال ريان بحبه ملآن بذكره وقديماً مرنوا على دقيق الإحساس وعميقه، وأخذوه عن طبيعة اليونان الذين نحت لهم بركستيالوس تمثال فينوس. فجعلوه مثال الملاحة والبداعة وسموه آلهة الجمال.
تأله الحسن في يونان فاستبقوا ... إلى عبادة فينوس بمضمار
وقد حدثنا ببيرلوئيس في قصة افروديت أحاديث عن عبادة الجمال بالإسكندرية في خوالي العصور على الإغريق حيث كانت لهم مجالس وهياكل ملؤها التسبيح للمحاسن والبدائع وعلى تراخي السنين برع النحاتون والمصورون في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فجاء العباقرة منهم بأعاجيب النبوغ في فنونهم الجميلة الرائعة ومثلوا جمال المرأة بأنواع تصلح وحدها لأن تكون شعراً ناطقاً بأوصافها ومظاهرها سجيس الليالي.
ولما هب شعراء الرومانتيك منذ أواسط القرن الماضي فتحوا أعينهم على الجمال وتصوروه في خيالهم، ونما في شعرهم، وساعف على ذلك هذا أن لجمال المرأة منالاً عندهم وكان من أثر ذلك أن غإلى بعضهم فأتبع طريقة في فهم الجمال جعلوه يعم كل نسبة واتساق وأوغل ناس منهم فخيل إليهم لدقة حسهم ورقته أن في القبح جمالاً، فالدميم يعد وسيماً إذا صوره لك الشاعر تصويراً متناسباً متسقاً، وقد أراد ذلك فيكتو هوغو حين كتب رواية نوتردام دوباري فصور لنا خادم الكنيسة نوتردام دوباري فصور لنا خادم الكنيسة كازي مورو على مثال الشناعة والبشاعة في الدنيا، تعاورت على شكله ضروب العاهات والمثالب، فهو أبكم أفلج أعشى، ذو صمم بطين الأحشاء أحدب الظهر أقعس الصدر، بيد أنه في كل هذا صورة للجمال بتناسب شناعته وتناسق دمامته، ثم يمعن هوغو في تمثل