من الكتب العلمية البليغة الأثر في الثقافة العامة الخالدة في اللغة العربية خاصة كتاب إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها على إيجازه وقد عدَّ الكتاب وذلك إلى عشر سنوات خلت بين ما ضاع أو ندر وجوده من كتب الفيلسوف الفارابي إلى أن أتيح نشره في نحو ذلك التاريخ المذكور عن نسخة قديمة مخطوطه مما عثرت عليه في خزانة من خزائن الكتب في العراق وقد اضطرت إلى نشره إذ ذاك في إحدى المجلات العربية المعروفة تلميحاً إلى قصور الماد وضعف التهيؤ والاستعداد للقيام بحق الكتاب أو الاضطلاع بما يتطلبه لنشره على حدة من التروي والتحقيق في جملة ما يتطلبه من الأشياء تاركاً ذلك إلى فرصة أخرى إن سنحت أو إلى من يتصدى لنشره طبق المراد ممن طبعوا على حب الدراسة والتحقيق.
مضى على نشر الكتاب ما أربى على عشر سنوات كما مر عرض لي في النصف الأخير منها ما شدهني عن كل ما يتعلق به. إلا أنني كنت أحياناً أتوق إلى الألمام بما عسى أن يكون أحدثه أو أثاره نشره. وقد اتضح لي أن نشر الأصل العربي للكتاب المذكور ترك أثراً لا بأس به لدى فريق من العلماء شرقيين وغربيين وذلك لأن معظم القوم لم يكتب لهم الاطلاع إلى ذلك الحين الأعلى نتف مما نقل عنه في الكتب العربية أو على شيء من تلاخيصه في بعض اللغات الأعجمية أما تجريد الكتاب من المجلة التي نشر فيها ونشره مستقلاً على حدة بعد بذل الجهد في التتبع والتنقيب وجمع كل ما يتيسر جمعه من نسخة لهذه الغاية فما لم يقع لأحد إلى هذا الوقت هذا مع العلم بأن بعض دور الكتب المصرية بعد اتفاقها مع طلبة العلم من المصريين أقدمت على طبعه في السنة الماضية (سنة ١٣٥٠) مقابلة هذه النسخة التي طبعت أخيراً في مصر بتلك النسخة التي تم نشرها سنة ١٣٣٩ أي قبل أكثر من عشر سنوات فعلمت أن بين النسختين تفاوتاً لا يستهان به واختلافاً لا يستساغ إغفاله إلى هذا ونحوه مما يجعل اعتماد من يعتمد على نسخة واحدة من المخطوطات لدى تمثيلها بالطبع ذنباً لا يغتفر في كثير من الأحيان وبالجملة لقد كان عجبي بل أسفي عظيماً كيف أن من عنوا بنشر إحصاء العلوم في مصر قصروا ولم يجتهدوا في