البحث والتنقيب حتى فاتهم أن الكتاب نشر قبل نشرهم إياه عن نسخة تختلف عن نسختهم في تاريخها وفي نصها أحياناً وفي غير ذلك من الفروق وقد كان بوسعهم لو أخذوا أنفسهم بالتحقيق أن يستفيدوا من مجهود من سبقهم إليه، إذاً لجاء عملهم تاماً لا شائبة فيه ولكن العصمة لله.
واساني في الشعور بما شعرت به لدى ظهور الكتاب مطبوعاً في مصر على الوجه الأنف فريق ممن طبع على حب الدراسة والتحقيق أذكر منهم في هذه الكلمة الدكتور جورج سارتون من الولايات المتحدة إذ يظهر مما كتبه الرجل أن الغيرة أخذت منه مأخذها على الكتاب وأنه أخذ نفسه بطبعه طبعة علمية منقحة وهو يدأب الآن في اقتناء نسخ الكتاب على اختلافها تمهيداً لذلك هذا ولا بد لإظهار الفرق بين أحياء الكتب لأغراض علمية صرفة وبين نشرها لغايات تجارية من إثبات بعض ما جاء في بعض رسائل الدكتور التي في هذا الشأن ومن ذلك رسالة مؤرخة في ١٥ شوال سنة ١٣٥١ جاء فيها بعد المقدمة ما نصه أكتب إليك لأستعين بك على أمرٍ ما. قد اشتريت في مصر نسخة من كتاب إحصاء العلوم لأبي نصر الفارابي صححه ووقف على طبعه وصدره بمقدمة مع التعاليق٤ عليه أستاذ في الجامعة المصرية - والصواب أحد أعضاء بعثة الجامعة المصرية - نشر هذا الكتاب في مصر سنة ١٣٥٠ وقد قال المحرر في فاتحته ص ١٧ ذلك الكتاب الذي وفقنا الله إلى طبعه ونشره للمرة الأولى عن نسخة خطية منقولة بالفتوغرافيا محفوظة في دار الكتب المصرية. قد درست هذا الكتاب المهم وتحققت أن الطبعة المصرية ليست الأولى وليست مرضية أبداً. الطبعة الأولى أنت تعرفها لأنك نشرتها في المجلة المعروفة بالعرفان في صيداء منذ أكثر من عشر سنوات ولا ريب أنك تود أن تعرف أنني أطلعت على ثلاث نسخ خطية لإحصاء العلوم ١ نسختك، ٢ نسخة في مكتبة الاسكوريال، ٣ نسخة في مكتبة كبرولو في الآستانة. ولعل هناك نسخة رابعة في مصر. ينبغي أن تكون عندي تصاوير فتوغرافية لكل هذه النسخ الخطية حتى يمكن طبع إحصاء العلوم طيعة علمية.
هذا ما يهم نقله من رسالة الدكتور وقد أبدى مع ذلك رغبته في اقتناء نسختنا من كتاب الإحصاء ولما كانت النسخة مفقودة تعذر إسعافه بها. بيد أنني بعثت إليه بنبذة في وصفها وتعريفها مع وعده بمتابعة البحث والتنقيب عنها وحثه على بذل وسعه في خدمة هذا الأثر