بموت السيد أحمد الشريف السنوسي في المدينة المنورة بعيداً ن وطنه طرابلس - برقة، طويت صفحة لامعة من صفحات تاريخ الإسلام الحديث ستبقى عبرة خالدة وذكرى مقدسة.
قضى هذا البطل كل عمره في خدمة أبناء دينه والدفاع عن وطنه وإعلاء كلمة الإسلام في جميع العالم. إنها حياة كلها جهاد وتضحية وعبادة، حياة ملئت بالمفاخر والمكرمات وأعمال الخير والتقى ثم انقضت، كما هي الحال مع أكثر أبطال التاريخ، في البؤس واليأس والانزواء.
كان السيد أحمد الشريف، لما أغار الطليان في ٥ تشرين الأول سنة ١٩١١ على طرابلس - برقة منهمكاً في إدارة الزوايا السنوسية التي كانت قائمة في معظم أنحاء أفريقيا الشمالية وأفريقيا الوسطى واليت ساعدت كثيراً على انتشار الدين الإسلامي بين الزنوج.
وكانت سياسة السيد أحمد الشريف مثل سياسة سلفيه في الإمارة: عمه المهدي وجده محمد السنوسي الكبير، مبنية على مسالمة الحكومات المحيطة بمنطقة نفوذه سواء العثمانيين أو الانكليز أو الفرنسيين. ولما كانت ساحة الحرب الطرابلسية - بادئ الأمر عن الاشتراك بكل قواهم في محاربة الطليان إلى أن كانت الحرب العامة وأرسلت حكومة استانبول نوري باشا أخا أنور باشا للتحرش بالانكليز في مصر وتحريض السنوسيين على ذلك. وقد وفق نوري باشا بعد محاولات طويلة إلى أقناع السيد أمد الشريف بدخول الحرب ضد الانكليز والتجاوز على حدود مصر. ولكن انكسار جيوش نوري باشا أضجر السيد أحمد الشريف للانتقال إلى طرابلس الغرب فتولى إمارة السنوسيين في برقة ابن عمه السيد إدريس السنوسي الذي اعترف به الانكليز وتفاهم مع الطليان على توليته إدارة البلاد. ولم يكن في استطاعة السيد أحمد الشريف، الذي حصلت بينه وبين رمضان الشتيوي زعيم المجاهدين الطرابلسيين في مصراطة اختلافات شديدة، أن يبقى بعد ذلك في طرابلس الغرب فانتقل سنة ١٩١٥ إلى استانبول في أحدى الغواصات الألمانية عن طريف النمسا. فانتقل سنة ١٩١٥ إلى استانبول في إحدى الغواصات الألمانية عن طريق النمسا.
وبعد انتهاء الحرب العظمى ظل السيد أحمد الشريف يعيش منزوياً في مدينة (بروسة)