شاءت الثقافة الغراء أن تنظمني في عدد الأديبات اللواتي وجهت إليهن هذا السؤال ما سبب انصراف الفتيات عن الأدب العربي وكيف تلافي ذلكمعتقدة - وشكراً لحسن اعتقادها بي - إنها ستقع على خبيرة وافرة الاطلاع كثيرة البحث والاستقصاء للخواطر والآراء التي يطلبها سؤالهم القيم، ولست أنكر أن شيئاً من الذهول تولاني عند ما أخذت سؤال الثقافة فقد وجدتني أمام معضلة قومية - إن صحت التسمية - لا يجوز لنا إهمال شأنها وترك الأمور التي تتفرع عنها تسير في غير طريقها المستقيم وذلك رغبةً منا في تدارك هذا النقص البارز في أدبنا النسائي فيكون عملنا هذا ترويجاً للأدب العربي بين حاملات رسالة الأدب السنوي فيقبلن عليه بلذة وشغف إقبالاً يؤدي حتماً إلى رفع قيمته في نظر الأدباء والمتأدبين. تولتني هذه الفكرة فعكفت على السؤال أدرسه بقدر ما تسمح معرفتي وطاقتي متلمسة في ذلك وجه الصواب، وها أنا أبسط لقراء الثقافة وقارءاتها ما وصلت إليه بإيجاز راجية أن يجدوا فيه ما ينقع اللغة ويروي الآوام ولا فحسبي إني حاولت معالجة الموضوع ورائدي الإخلاص وليس من ملام على المجتهد الذي له من إخلاصه ما يشفع به إن أخطأ سهمه الهدف، والتوى عليه القصد
ألقيت على نفسي السؤال ورحت أناقشها فيه فألفيتني أنتهي دون قصد إلى صوغه على وجه آخر وهوماسبب انصراف الفتيان عن الأدب العربيوما كنت أخبز لنفسي أداخل هذا التعديل على سؤال الثقافة المحترمة لولا أنَّ التفكير قد ساقني إلى ملاحظة ذلك التأثير الذي يتركه أو يحدثه الأدب الرجالي، في الأدب النسائي ولست أجيء بشيء جديد إذا لحظت أن نهضة الرجال الأدبية قد سبقت نهضة المرأة فكان طبيعياً والحالة هذه إن تتأثر نهضتها بنهضته وإن تحمل في تضاعيف أدبها وثناياها بعض الخصائص الموجودة في أدبه دون أن يشغلنا ذلك عن ملاحظة الفارق بين عناصر الأدبين. وهي هذه لعناصر لتي تنبثق عن بيئة كل منهما وتطبع أدبه عليه لست أعني بذلك أدباء العرب في أيامنا لا يعنون بأدبهم نثراً وشعراً عناية تستحق الإعجاب ولا كني أريد أن أقرر أمراً لا سبيل إلى إغفاله ولا