من دواعي الغبطة والسرور أن القضية النسائية في الأمصار العربية ارتقت درجات ولئن كانت متفاوتة إلا أنها حسنة على وجه عام ومطردة السير إلى الأمام بفضل جهود نسائنا وبتأثير روح العصر والعدوى الاجتماعية، ومما يستدعي الإعجاب بهذه النهضة وعقد الآمال عليها أنها تجاري تطور الزمن وتتمشى مع حاجة الوطن. فقد ألفت المرأة الجمعيات الخيرية والأدبية وقامت هذه الجمعيات النشيطة بما يتطلب منها مساعدة الإنسانية والدعوة إلى العلم والثقافة والتربية وتخطها إلى التعاون لرفع مستوى المرأة وحفظ كرامتها. ومع ذلك فلطالما تعرض المنتقدون والمنتقدات إلى المرأة وأظهروا استخفافاً بما قامت به من أعمال يساعدهم على ذلك ما يرونه من استمرار جهود الجمعيات ضمن منطقة حتى كأن حركتها تدور حول نفسها. ولو أن أنصف هؤلاء المنتقدون لما حكموا على الحركة النسائية بالعقم لما غشيتها من جمود في الآونة الأخيرة بل إنهم لو أنصفوا لاستعرضوا أعمال المرأة السورية اللبنانية منذ فجر النهضة حتى الآن وراقبوا الخطوات الواسعة التي خطتها في برهة قصيرة والخدمات الجلي التي بذلتها في سبيل الحياة الاجتماعية، وعلى أنّ الجمود الذي حدث أخيراً في ما أتي المرأة لم يكن عن ضعف في نشاطها ولا عن تأخر بحركتها وإنما ظهر هذا الجمود على أثر التطور الاجتماعي في البلاد، فإنّ الانقلاب الذي حدث في العالم عن تأثير الحالة الاقتصادية، وعما صار للمال من النفوذ في تكييف مناهج الأمم المعاصرة وأخلاقها شمل هذا الوطن العزيز فاستدعى أن يحصل فيه تطور بالحركة النسائية يلائم ذلك الانقلاب. وهذا ما استرعى انتباه سيدات هذه المدينة الزاهرة وعملن على مداركته فقد راقب بعض بعض فضلياتنا الأثر الذي أحدثه هذا التطور الجديد ولاسيما من حيث نزول المرأة إلى ميدان الكسب، وما حصل عنه من توفر صاحبات المهن الحرة بين الطوائف كافة، من محاميات وطبيبات وكيماويات وقابلات وقانونيات وممرضات، فضلاً عن الصحفيات، والمعلمات، وعدا التاجرات، والكاسبات، فرأين أن الحاجة أصبحت ماسة للقيام بسعي يقصد منه اتحاد النساء العاملات الكاسبات لخدمة والوطن ومساعدة المحتاجات للكسب على إيجاد أعمال لهن تناسب استعدادهن وبيآتهن، فأسسن نقابة المرأة العاملة، وتوخين فيها أيضاً العمل والتعاون على ترويج المصنوعات والمنتوجات الوطنية وهكذا تداوي هذه النقابة الأزمة الاقتصادية وتوفير الكسب لصاحبات الصنعة العاطلات من