جهة وبالسعي لرواج مصنوعاتهم الوطنية وسائر منتجات الوطن من جهة أخرى، ثم أنها تستفيد في الوقت نفسه من القوة النسائية التي تحصل عن اتحاد العاملات وتستخدم هذه القوة لنيل المرأة حقوقها كاملة. وبهذه الواسطة تخطو المرأة في بلادنا خطوة جديدة، فتنتقل من دور الأقوال إلى دور الأعمال. على أنه إذا صح وجود عقم في أعمال المرأة التي قامت بها حتى الآن فسببه بقاؤها تحت وصاية الرجل واستمرار حرمانها من الحقوق التي تتمتع بها شقيقتها في البلاد الراقية ومن البديهي أن تأتي آثار القاصرات قاصرة. فإذا أردنا أن نطالب المرأة بما يترتب عليها من واجبات الهيئة الاجتماعية كان علينا أن نطالب أنفسنا قبل ذلك بالتخلي عن حقوقها كاملةً لأن إشراك المرأة في هذه الواجبات ومحاسبتها عليها من شأنهما أن يشحذا مواهبها، ويثقفا مداركها تثقيفاً تعجز دور العلم عن إدراكه، تثقيفاً يؤهلها لخدمة قومها وخدمة الإنسانية في شؤون كثيرة يقصر الرجل عن مجاراتها فيما وإنّ شريعة البلاد كما أن تاريخنا القومي يساعدنا أشد مساعدة على تمتع نسائنا بالحقوق المنشودة. فكما إن الشريعة الإسلامية جعلت المرأة صنو الرجل فأجازت لها الاستقلال في أموالها وأملاكها، وسمحت لها بتعاطي الأعمال الاقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة، وخولها الحق بتولي الأعمال العامة كالقضاء وغيره، فأن تاريخنا العربي أرانا أمثلة كثيرة على الأدوار الاجتماعية والسياسية التي لعبتها المرأة: فقد اشتركت في الأحزاب السياسية وفي الحروب والثورات، وزاحمت الرجل على تولي الزعامة الحركة الفكرية، كما زاحمته في الأسواق التجارية. ولقد استبشرنا خيراً كثيراً للخطوة الجديدة التي سلكتها المرأة في هذه البلاد لما هو معلوم من ارتباط كرامة النساء بالاستقلال المالي وبتنا نترقب نجاح هذه الخطوة نجاحا للمطالبات بالحقوق. ولكن بلوغ هذه الأماني لا يزال يتوقف على اتجاه جديد آخر ننتظره من نسائنا العناية به وقبل الإشارة إليه اسمحوا لي يا سادة أن اطرح عليكم سؤالا بهذه المناسبة طالما ساءلت نفسي به، وهوان المرأة السورية، ولاسيما في لبنان، أصبحت تتمتع بخط كبير من التربة والثقافة، وصار في عدادها جمهور غير قليل من صاحبات الشهادات العليا والتخصصات كما رأينا رأي العين في الاجتماعات التي توالت لتأليف نقابة المرأة العاملة. ومع ذلك فانا نرى عجباً إذا ما عمدنا إلى المقابلة بين ما بلغة نساؤنا من الحقوق وبين ما استحوذت عليه من ذلك